اليمين المتطرف في ألمانيا ـ المخاطر والتحذيرات
أثار اجتماع بوتسدام السري يوم 19 يناير 2024 بين المتطرفين اليمينيين والسياسيين من حزب البديل من أجل ألمانيا واتحاد القيم ضجّة . ولكن تم التخطيط بالفعل لعقد اجتماع سري جديد.أثار البحث الذي أجرته شركة “كوركتيف” الإعلامية حول اجتماع سري بين ممثلي “حركة الهوية” اليمينية المتطرفة وسياسيين من حزب البديل من أجل ألمانيا واتحاد القيم، ضجة في ألمانيا. ومنذ الكشف عن هذه الفضيحة، نظمت مظاهرات عديدة ضد التطرف اليميني، وأصبح النقاش حول حظر حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو حزب يميني متطرف جزئيا، أعلى صوتا. وفي ظل النقاش الاجتماعي حول كيفية التعامل مع اليمين المتطرف، يخططون لمزيد من اجتماعات التواصل والمحاضرات السرية. ومن المقرر عقد أحدهما في دورتموند يوم الجمعة. أفادت بذلك منصة الأبحاث الخاصة بـ”الحركة الهوياتية” على المنصة X (تويتر سابقًا).
يقوم قسم الشباب بالحزب، حزب الشباب البديل على هذا الأساس، بالتعاون مع عضو حزب البديل من أجل ألمانيا في البوندستاغ ماتياس هلفيريش، بدعوة الناس إلى مكتب دائرته الانتخابية في دورتموند-أوبيردورستفيلد مساء الجمعة. تم الإعلان عن ضيف على أحد رواد “اليمين الجديد” في ألمانيا: غوتز كوبيتشيك، مؤسس معهد سياسة الدولة (IfS)، الذي صنفه مكتب حماية الدستور على أنه يميني متطرف.
1- اليمين المتطرف في ألمانيا ـ أبرز الجماعات المتطرفة
بدأت الحكومة الألمانية تكشف بشكل مستمر عن التنظيمات والمجموعات اليمينية المتطرفة أكثر من أى وقت مضى. هذا يعني أن السلطات الألمانية لم تعلن في السابق عن حجم وخطورة اليمين المتطرف لأسباب سياسية، أو لأسباب تخص الأمن المجتمعي. لا تزال جماعات اليمين المتطرف في ألمانيا تميل إلى العنف، وتشكل أكبر تهديد للديمقراطية والمجتمع الألماني، حيث تتبنى تنظيمات وجماعات اليمين المتطرف في ألمانيا استراتيجية “التدمير البناء”، وعدم الاعتراف بمؤسسات الدولة الألمانية.
أبرز جماعات اليمين المتطرف في ألمانيا
رابطة “هامرسكينز دويتشلاند “Hammerskins Deutschland” : تعد الرابطة فرع من رابطة في الولايات المتحدة، وتتواجد في ألمانيا منذ أوائل تسعينيات القرن العشرين. تتبنى الرابطة اتجاهات مناهضة للدستور والديمقراطية الألمانية، وترفض فكرة التفاهم بين الشعوب، تتعارض أنشطة الرابطة مع القوانين الجنائية الألمانية، وتسعى من خلال حفلاتها الموسيقية إلى التأثير على غير الأعضاء بها بأفكار يمينية متطرفة.
حركة “فولكيش”: تعد حركة عرقية قومية ألمانية من أواخر القرن التاسع عشر، وظهرت جماعات موالية لها تعارض التغيرات الاجتماعية والثقافية الألمانية، وتتخد الحركة من الأرياف الألمانية مركزاً لهم، ولا يدخلها أحد إلا أتباعهم، وتسعى الحركة لبناء مجتمعهم الخاص الذي يؤمن بأفكار يمينية متطرفة، ويعيش وفق ضوابط وقيود أيديولوجية، ويستقرون في منطقة “لونبرغ” شمال ألمانيا.
حركة “مواطنو الرايخ”: تعتقد الحركة بأن “الرايخ” أو الامبراطورية الألمانية التي كانت قائمة بين 1917 وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية لا تزال قائمة. يرفض “مواطنو الرايخ” الاعتراف بالدولة الألمانية بنظامها السياسي القائم. تضم الحركة متطرفين يمينيين ومؤمنين بنظرية المؤامرة ومتحمسين لاقتناء السلاح. يقدر عدد أعضاء الحركة بنحو (21) ألف عضو، من بينهم (5%) مصنفون بوصفهم يمينيين متطرفين، وغالبية أعضاء الحركة ذكور، وتتجاوز أعمارهم الـ (50) عاماً في المتوسط.
مجموعة “لواء العاصفة 44” أو “لواء الذئب”: تهدف المجموعة إلى “إعادة بناء الدولة النازية السابقة”، وهي على صلة وطيدة بالمتطرفين اليمينيين في ألمانيا. تورط أعضاء من المجموعة في العام 2019 بتشكيل جماعة إجرامية، وذلك بعد الاشتباه في مشاركتهم في التجمعات اليمينية المتطرفة الإقليمية ورسم “الصليب المعقوف” على الجدران.
منظمة الشباب التابعة لحزب “البديل من أجل ألمانيا”: تضم أفرادا ومنظمات لا تنفذ أعمالاً عنيفة ، لكنها تغذي “ثورة ثقافية يمينية متطرفة”، وتسلك مساعي مناهضة للدستور الألماني، كما تنشر مفهوماً عرقياً للمجتمع قائماً على افتراضات بيولوجية أساسية، تخضع المنظمة للمراقبة باعتبارها حالة مؤكدة من التطرف اليميني، بعد أن كانت حالة يمينية متطرفة مشتبه بها.
“معهد البحوث لسياسة الدولة” : يعتبر المعهد مركزاً بحثياً ينشر الأفكار اليمينية المتطرفة أسس عام 2000، يقع مقر “معهد البحوث لسياسة الدولة” في مدينة “شنيلرودا” شرق ألمانيا. يعقد المعهد مؤتمرات، وينشر دراسات وأوراق بحثية تدعم إيديولوجية اليمين المتطرف، ينتمي معظم المتحدثين في هذه المؤتمرات إلى “الجناح” المتطرف داخل حزب “البديل من أجل ألمانيا”.
منظمة “واحد في المئة” : تأسست منظمة “واحد في المائة” عام 2015، ولديها علاقة وثيقة بحركة “الهوية” الألمانية، يتجاوز عدد أنصارها (52) ألف شخص تقريباً، ترى المنظمة أن موجات الهجرة واللجوء تمثل التهديد الرئيسي للمجتمع الألماني، كما ترى نفسها “منصة مقاومة مهنية للدفاع عن المصالح الألمانية”.
“حركة الهوية” : يتراوح عدد أعضاء حركة “الهوية” في ألمانيا ما بين (200 – 600) ناشط تقريباً، و(1000) مؤيد. يوجد لحركة”الهوية” فروع في الولايات الألمانية الـ(16) بالإضافة إلى وكالة إعلامية وكيان استشاري مالي ومتجر إلكتروني، كما تتعارض أنشطة الحركة مع مباديء الديمقراطية .
حركة “بيغيدا”: تأسست حركة “بيغيدا” كحركة مناهضة للإسلام واللاجئين في ألمانيا، وتستغل الحركة الأزمات المرتبطة بالهجرة واللجوء لبث دعايتها اليمينية المتطرفة. تستقطب الحركة أفراد الطبقة الوسطى في ألمانيا، ويتبنى مؤيدوها فكرة أن المجتمع الألماني في حاجة إلى أن “يفيق” إلى تهديدات “الإسلامويين المتطرفين”، ويتهمون السلطات الألمانية بالفشل في تطبيق القوانين المتعلقة بمكافحة الإرهاب والهجرة.
أكدت وزارة الداخلية الألمانية في 19 سبتمبر 2023 إن حظر الجماعات اليمينية المتطرفة مثل رابطة “هامرسكينز دويتشلاند” يمثل “ضربة قوية ضد التطرف اليميني المنظم”، وهذا يرسل “إشارة واضحة ضد العنصرية”، كما أن التطرف اليميني لا يزال يمثل “أكبر تهديد متطرف للديمقراطية الألمانية ومؤسسات الدولة، لذلك تواصل السلطات الألمانية تفكيك الهياكل اليمينية المتطرفة. اليمين المتطرف في ألمانيا ـ كيف يستثمر حزب البديل AFD ملف الهجرة؟
تنامي نسبة اليمين المتطرف في ألمانيا
حذرت هيئة حماية الدستور الألمانية “الاستخبارات الداخلية” في 20 يونيو 2023 من الارتفاع “الحاد” في نسبة المتطرفين ذوي الميول العنيفة بالبلاد. حيث رصدت خلال العام 2022 مظاهر ارتفاع العنف بشكل خاص في أوساط الطيف اليميني المتطرف بنحو (14.5%)، وسجلت من أصل (40) ألف عنصر يميني متطرف، (14) ألفاً منهم لديهم استعداد لارتكاب هجمات إرهابية. وبشأن الزيادة الحادة في نسبة الميول العنيفة لدى عناصر اليمين المتطرف، يعزوها التقرير إلى ارتفاع عدد أنصار “حزب البديل من أجل ألمانيا – AFD” الذين تم وضعهم لأول مرة تحت المراقبة، وتقدر الهيئة عددهم بأكثر من (10) ألاف شخص.
أظهرت دراسة في 23 سبتمبر 2023 أن انتشار المواقف اليمينية المتطرفة بين السكان في ألمانيا زاد بشكل حاد منذ عام 2021. وأشارت إلى أن “واحدا من كل اثني عشر” شخصا بالغا بمعدل (8.3%) يتبنى حاليا وجهة نظر يمينية متطرفة، وكانت نسبة هؤلاء تتراوح بين (2 – 3%) في الأعوام الماضية. اليمين المتطرف داخل وكالات الأمن و الدفاع الألمانية، حجم المخاطر والمعالجات
تضاعف عدد مظاهرات اليمين المتطرف في ألمانيا
تضاعف عدد مظاهرات اليمين المتطرف في النصف الأول من العام 2023 بأكثر من (3) مرات مقارنة بعددها في نفس الفترة من العام 2022. ارتفع عدد المسيرات اليمينية المتطرفة في كل أنحاء ألمانيا من (35) مسيرة في النصف الأول من 2022 إلى (110) مسيرة في النصف الأول من العام 2023. في المقابل، انخفض عدد موسيقى حفلات الروك اليمينية المتطرفة في نفس الفترة من (89) إلى (71) حفلة. وافق حوالي (20%) من الألمان إلى حد ما أو كلية على عبارة: “بلادنا الآن أشبه بالديكتاتورية أكثر منها بالديمقراطية”، و تقول “ليزا باوز” وزيرة الأسرة الألمانية إنه “يجب إيقاف المتطرفين اليمينيين ومواجهتهم، معربة عن قلقها البالغ من نتائج الدراسة التي أظهرت أن خُمس الألمان يرون أن بلدهم أصبح الآن أقرب للدكتاتورية منها إلى الديمقراطية.”
0 Comments: