الأحد، 18 فبراير 2024

الإخوان وطالبان: انتهازية التأييد الخجول

 

الإخوان

الإخوان وطالبان: انتهازية التأييد الخجول

مرّت علاقة الإخوان وحركة طالبان بتحولات كثيرة فارقة على مستوى العمل والسياسة، وهو ما يمكن أن نستقرئ منه المستقبل القريب بين الجماعة التي أسسها البنا العام 1928، والحركة التي أسسها الملا عمر عام 1994 حتى وصلت إلى "انتصارها" الأخير.

الإخوان يقاتلون الحركة

في فترة انسحاب الاتحاد السوفييتي ووصول أمراء الحرب إلى حكم كابول لم تكن حركة طالبان قد نشأت رسمياً بعد، وكان الإخوان المسلمون منقسمين في حركات مسلحة؛ الأولى هي اتحاد علماء المسلمين بقيادة عبد رب الرسول سياف، والثانية هي الحزب الإسلامي بقيادة حكمتيار، والثالثة الجمعية الإسلامية بقيادة برهان الدين رباني، ووزير دفاعه أحمد شاه مسعود، والثلاثة اختلفوا في قتال الحركة أو التحالف معها، إلا أنّ الجمعية الإسلامية هي من ساعدت أمريكا فيما بعد على إخراجها من كابول.

ومنذ عام 1994 حتى 27 أيلول (سبتمبر) 1996م، وهو اليوم الذي دخلت فيه الحركة العاصمة الأفغانية، وتعاملت بعده مع جماعة الإخوان بوصفها عدواً تنظر إليه نظرة المفاصلة بين الكفر والإيمان، كانت تصف أعضاء الجماعة بأنّهم أشد خطراً على الإسلام من الشيوعيين، وكانت تهاجم عناصرهم وتغلق جمعياتهم.

وقد زار القرضاوي أفغانستان خلال حكم طالبان في 26 شباط (فبراير) 2001، ضمن وفود إسلامية لإقناعهم بالعدول عن تحطيم تمثالين أثريين لـ"بوذا"، لكنّ الحركة رفضت هذا الطلب.

الإخوان يتجاوزون أمراء الحرب

بعد العام 2001 رفض الإخوان الغزو الأمريكي لأفغانستان في مجموعة من البيانات المتتالية، وتجاوزوا أمراء الحرب التابعين لهم، من أجل الحصول على أكبر قدر من المكاسب وتأسيس وجود رسمي لهم.

تعاون الإخوان مع الرئيس حامد كرزاي، وهو أول رئيس أفغاني عقب سقوط طالبان من الحكم، واستطاعوا من خلال ذلك الحصول على ترخيص رسمي للجمعية عام 2002 بعد أن كانت تعمل بشكل غير رسمي، وهذا أغضب طالبان.

وفق ما ورد في تقارير إعلامية، فقد نشأت الجمعية رسمياً في منطقة تيمني بالعاصمة كابول، وضمّت 35 فرعاً بالولايات الأفغانية، وبدأت نشاطها التربوي والدعوي والتعليمي والإنساني والخيري بقيادة حبيب الله حسام، زعيم الجماعة حالياً في أفغانستان.

وتشير الجمعية عبر موقعها "إصلاح أون لاين" إلى أنها تمتلك داخل أفغانستان مؤسسات خيرية وتعليمية وإعلامية وطبية واقتصادية كبيرة، وأنها أطلقت "جمعية المساعدات الإنسانية"، وأسست 12 مدرسة من الابتدائية حتى الثانوية، و4 معاهد لتعليم الفتيات وتخريج المعلمات، و8 مدارس أخرى لتدريس العلوم الشرعية، و7 معاهد متخصصة في تأهيل المعلمين، مثل معهد "الإصلاح لإعداد وتأهيل المعلمات" الذي أُنشئ عام 2008، ويركز على تدريس اللغة العربية والدراسات الإسلامية، ومعهد "الإصلاح النموذجي" الذي أسّس عام 2006 في مدينة جلال آباد، و"دار العلوم الإسلامية" التي أُنشئت عام 2008.

بجانب ما سبق، أنشأت الجماعة مدرسة "الفلاح" للبنات العام 2009 بمدينة جلال آباد، التي تخصصت في إعداد الكوادر القيادية في المجالات الفكرية والعلمية والمهنية، برسوم رمزية.

وأنشأت جماعة الإخوان أول فضائية أفغانية حملت اسم قناة "الإصلاح"، ولديها أيضاً إذاعة "صوت الإصلاح" منذ العام 2008، إضافة إلى مجلات مثل "إصلاح مللي" الأسبوعية، التي تصدر بالبشتو والفارسية، ومجلة "جوان" بالبشتو، ومجلة "رسالة الإصلاح" (نصف شهرية)، ومجلة "معرفة" الشهرية بالفارسية، و"رسالة الإصلاح" التي يطبع منها 100 ألف نسخة.

تقارب المنفى

عقب مرور أعوام طوال من القتال بين حكومة كابول وحركة طالبان، بدأت تظهر خلافات متعددة بين الجناح السياسي والعسكري لطالبان، وبناء عليه كانت آراء السياسيين المقيمين في المنفى بالدوحة وباكستان قد بدأت تتغير من ناحية الإخوان، وساهمت قطر في ذلك بكل تأكيد.

ظهر ما سبق في الزيارة التي قام بها وفد الحركة للدكتور يوسف القرضاوي يوم 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2020، مشيدين به ومعتبرين أنهم التقوا شخصية مهمّة هي الأب الروحي للإخوان.

وتبادلت قيادات طالبان بالدوحة الزيارة مع وفد حركة حماس بقيادة إسماعيل هنية، الذين أشادوا في بيان رسمي فيما بعد بانتصار الحركة.

وعقب دخول الحركة إلى كابول من جديد أصدرت "جمعية الإصلاح الأفغانية"، التي تمثل الإخوان المسلمين في أفغانستان يوم 17 آب (أغسطس) 2021 بياناً أشادت فيه بـ"التعامل الطيب والإسلامي لحركة طالبان مع مخالفيها".

وورد في البيان: "تابعنا مع كافة أبناء الأمّة المسلمة التطورات الإيجابية الأخيرة التي تمت بفضل الله ومنته على الأرض الأفغانية المسلمة...، فبعد ما يزيد على نصف قرن من الاضطرابات والاحتلال السوفييتي ثم الأمريكي، نعمت أفغانستان بحمد الله تعالى ثم بصبر شعبها وجهاد مجاهديها بالحرية والاستقلال، وهي نعمة من الله يستحق كل الشعب الأفغاني عليها التهنئة والتجلة والإكبار".

بعدها بيوم، هنأت جماعة الإخوان المسلمين الأم في مصر 18 آب (أغسطس) 2021 "الشعب الأفغاني"، لا طالبان، "بانتصاره وتحرير أرضه بكل فصائله"، معربة عن دعمها وتأييدها للاتصالات والاجتماعات الدائرة بين القوى والأحزاب السياسية الأفغانية "للاتفاق على النظام والحكومة التي يرتضيها الشعب بكل فئاته".

وهنأ الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين "الشعب الأفغاني" و"قيادته، وخاصة في حركة طالبان"، على "هذه الخطوات وعلى هذه المرحلة الجديدة التي بدأت تتشكل الآن في أفغانستان".

0 Comments: