الخميس، 7 أغسطس 2025

الحفاظ على الهُوية العُمانية في الفضاء الرقمي مسؤولية وطنية مشتركة

 

الحفاظ على الهُوية العُمانية


الحفاظ على الهُوية العُمانية في الفضاء الرقمي مسؤولية وطنية مشتركة 



باتت منصات التواصل الاجتماعي تؤدّي دورًا محوريًّا يتجاوز حدود الترفيه والتواصل الشخصي، لتُصبح أدواتٍ مؤثّرة في التعبير عن الذات وتبادل الأفكار، وتشكيل الوعي الجمعي، والتعبير عن القيم الثقافية، وصياغة ملامح الهُوية الوطنية في الفضاء الرقمي.


ومن هذا المنطلق تأتي أهمية الحفاظ على قيم المجتمع العُماني، وتعزيز السلوك الرقمي المسؤول القائم على الدقة، والنقد البنّاء، واحترام الخصوصية، ودعم المحتوى الهادف، وضرورة الالتزام بالقيم والسمت العُماني الأصيل، الذي لا يُعدّ خيارًا فرديًّا محمودًا فحسب، بل هو تحدٍّ وطنيٌّ مُلحّ يتطلب تعاونًا وثيقًا بين جميع فئات المجتمع.


وتقول الدكتورة صابرة بنت سيف الحراصية أكاديمية وباحثة تربوية: إذا ذُكرت سلطنة عُمان حضرت الأخلاق قبل الحدود، والسمت قبل الاسم، هوية متجذرة وميراث إنساني شهدت له النبوة قبل أن تدونه كتب التاريخ، بقوله ﷺ: «لو أن أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك»، فجمع في هذه الشهادة النبوية بين نبل المعاملة ورقي اللسان، وهما خلاصة ما تشكّل في الشخصية العمانية من سمت وحكمة، وتسامح.


وأضافت أنّ هذا السمت لم يكن سلوك أفراد فحسب، بل انعكس على ملامح الدولة واختياراتها، حتى أصبحت السياسة العمُانية تعبيرًا صادقًا عن هُوية متزنة تُؤثر الحكمة على الصخب، والانفتاح المسؤول على الانجراف، وتُقدم قيم التفاهم على صدام المصالح، فكما أنّ الأخلاق تُورث كذلك المواقف تتناقل وتلك التربية الجماعية الممتدة صنعت نموذجًا متفردًا في السلوك والقرار والاتزان.


ووضّحت أنّ المنصات الرقمية باتت حاضنة للذوق وموجهة للفكر ومشكلة للسلوك فإن إعادة بث هذا السمت العُماني في الفضاء الافتراضي لم تُعدُّ مجرد ضرورة تربوية، بل أصبحت من صميم الأمن الثقافي، فالمحتوى الذي يُقدم للأبناء لا ينبغي أن يكون منبتًا عن تاريخهم ولا بعيدًا عن روحهم بل متصالحًا مع هُوية تشكّلت عبر قرون، ومعبّرًا عن مجتمع يرى في الأخلاق رأس مال وفي القيم جواز مرور.


وأضافت أنه حين نتأمل القيم العُمانية التي يجب أن تكون حاضرة في المحتوى الرقمي، فنحن لا نعيد اختراع المبدأ، بل نعيد تقديمه بما يناسب العصر. فالسمت العُماني الذي امتاز بالرزانة وضبط النفس والتهذيب الهادئ يجب أن يكون حاضرًا في طريقة التعبير وفي النقاشات وردود الفعل، كما في صناعة الرأي.


وذكرت أنّ التعايش الذي شكّل أساس البنية الاجتماعية العُمانية بكل تعددها الذي لا بد أن يُترجم في لغة تحترم التنوع، ترى فيه إثراء لا تهديدًا، أما الاعتزاز بالهوية فيكمن في تفاصيل المحتوى الذي لا يستحي من لهجته ولا يُقلد تقاليد غيره بل يُبرز جماله بلغة يفهمها الجيل ويُقدرها الآخر.

0 Comments: