الاثنين، 8 مارس 2021

تركيا تشن هجمات برية وجوية شمال العراق


أدى مقتل 13 مواطناً تركياً داخل العراق  في فبراير الماضي  إلى إشعال نزاع سياسي امتد ما بين واشنطن إلى طهران  ولا تبدو هناك أي إشارات على توقفه  وأصبح هذا النزاع خطيراً  وأصبح  أردوغان أكثر إصراراً على الاستمرار في تهديداته لدرجة أنه بات يريد توسيع استراتيجيته المثيرة للجدل في سوريا إلى العراق

ويرجع ذلك عندما عثر الجنود الأتراك  خلال عملية ضد الميليشيات الكردية داخل العراق  على 13 جثة لمواطنين أتراك تم خطفهم من قبل متمردين من حزب العمال الكردستاني (بي كي كي)  وفي الحال وجّه أردوغان التهمة إلى واشنطن لأنها لم تعمل على شجب ميليشيات بي كي كي بالقوة الكافية  وقال موجّهاً حديثه إلى الولايات المتحدة أنتم تؤيدونهم وتقفون خلفهم ببساطة وبوضوح وبعد ذلك قامت تركيا باعتقال نحو 700 شخص لعلاقتهم بعمليات القتل

وفي النهاية أذعنت وزارة الخارجية الأميركية بعد أول محادثة بين وزيرَي خارجيتَي البلدين وألقت باللوم على حزب العمال الكردستاني وأعلنت أن بي كي كي الإرهابي يتحمل مسؤولية أعمال القتل لكن ليس قبل أن يهدد أردوغان بتصدير استراتيجيته في سوريا إلى شمال العراق ويشكّل منطقة آمنة هناك 

وهذا هو شكل العلاقات المتشابكة عبر كل هذه المنطقة حيث إن سوريا وتركيا والعراق وإيران متأخمة لبعضها إلى درجة أن أي حادث يمكن احتواؤه نسبياً قد يؤدي إلى إعادة صياغة العلاقات بين تركيا والعراق وإيران وتعد استراتيجية تركيا في شمال سوريا مثيرة للجدل بل أنها تعد ناجحة من وجهة نظر أنقرة

ومنذ عام 2016 بدأت تركيا تنفيذ عمليات عسكرية على الجانب السوري للحدود بهدف إبعاد الميليشيات الكردية التي كانت تنفذ هجمات عبر الحدود التركية وقامت تركيا بإيجاد منطقة آمنة عبارة عن دويلات بحكم الواقع يعمل الجنود الأتراك على حمايتها وتحصل على الخدمات من تركيا وتتم إدارتها من قبل مسؤولين أتراك وسوريين معاً

وعاد مئات الآلاف من المهاجرين السوريين إلى تركيا سابقاً إلى هذه المنطقة الآمنة وتخطط أنقرة لإعادة ملايين آخرين من اللاجئين السوريين إليها بهدف وضع نهاية لأزمة اللاجئين داخل تركيا

وتستطيع الطائرات المقاتلة التركية والجنود أيضاً عبور الحدود لتنفيذ عمليات داخل المنطقة الكردية في شمال العراق وهنا يكمن الدليل على السبب الذي يجعل هذا الصراع من دون مؤشرات إلى وجود أي نهاية له


حسب ما أكده تقرير نشرته صحيفة ”لوموند“ الفرنسية من الواضح أن الرئيس أردوغان المنتشي بانتصاراته المتتالية في شمال شرق سوريا ثم في ليبيا وأخيراً في القوقاز يميل إلى الذهاب والضرب حتى العراق في التسلسل الهرمي العسكري والقواعد العملياتية لمقاتلي حزب العمال الكردستاني حيث أطلق الشهر الماضي المرحلة الثانية من عملية مخالب النمر في الأراضي العراقية وهي المرحلة الأولى من التدخل البري الذي أسفر بالفعل عن مقتل ثلاثة جنود عراقيين في آب / أغسطس 2020

ووفق التقرير تؤدي هذه المشاركة الجديدة من أنقرة إلى استقطاب المشهد المحلي والإقليمي وتنذر بأسوأ ما يمكن إذا تابع الرئيس التركي تهديداته بالتصعيد العسكري

وذكّر التقرير بأن حزب العمال الكردستاني بدأ حرب العصابات ضد تركيا في أقصى شمال شرق العراق في سلسلة جبال قنديل على الحدود الإيرانية كما أن لديه في الأراضي العراقية وعلى طول الحدود التركية سلسلة من المؤسسات التي تسمح له بالتنسيق مع المناطق السورية التي يسيطر عليها الفرع المحلي للحزب في إطار قوات الديمقراطيين السوريين (قسد)

وكان حزب العمال الكردستاني في طليعة القتال في سوريا ضد داعش وأيضا في كتلة سنجار العراقية حيث تمكن عناصره من إنقاذ وحماية الناجين الإيزيديين من هجمات التنظيم الإرهابي وأثار هذا النشاط استياء الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي كان مسؤولا عن الحكم الذاتي الكردي في شمال العراق من أربيل لذلك يعتمد على التدخلات التركية لتحييد خصومه الأكراد من حزب العمال الكردستاني

وقال التقرير إنه في هذا السياق أعاد أردوغان إطلاق عملية مخالب النمر في 10 فبراير / شباط الماضي التي قالت أنقرة إنها قضت على حوالي 50 من مقاتلي حزب العمال الكردستاني وقتل ثلاثة جنود أتراك في المعارك التي تركزت في منطقة جارا الحدودية على بعد 150 كيلومترا شمال غربي أربيل كما قتل ثلاثة عشر رهينة تركية وجنودا وشرطة وعملاء استخبارات اختطفهم حزب العمال الكردستاني في 2015-2016 واتهمت أنقرة المقاتلين الأكراد بقتلهم وزعم حزب العمال الكردستاني أنهم لقوا حتفهم في التفجيرات التركية

وأثار هذا الفشل الدموي في محاولة الإفراج عن المعتقلين الأتراك جدلاً محتدما في تركيا حيث استخدم أيضا كمبرر لحملة اعتقالات جديدة في الأوساط الكردية والموالية للأكراد وأعلن أردوغان في 15 فبراير / شباط الماضي أنه اعتبارا من اليوم لا مكان آمنا للإرهابيين، لا قنديل ولا سنجار ولا سوريا

وقد حذرت الحكومة العراقية من أي انتهاك لسيادتها الإقليمية لكن رئيس الوزراء العراقي الذي زار أنقرة في ديسمبر / كانون الأول الماضي يعلم أنه غير قادر على مقاومة طموحات أردوغان، وبالتالي فإن جمهورية إيران الإسلامية هي التي صعدت إلى المقدمة للتنديد بالأهداف التركية حيث تدعم طهران بالفعل حزب العمال الكردستاني الذي يؤيد بدوره قمع الأكراد في إيران وبالإضافة إلى ذلك فإن الميليشيات الموالية لإيران  وهي دولة حقيقية داخل الدولة في العراق مرتبطة في سنجار بشبكات حزب العمال الكردستاني لعرقلة الحزب الديمقراطي الكردستاني هناك بحسب التقرير


0 Comments: