شعلت وفاة مهسا (جينا) أميني، الشابة الكردية البالغة 22 عاما نار الاحتجاجات الشعبية العارمة في إيران. وكانت مهسا تعرضت أثناء احتجازها في مقر شرطة الأخلاق إلى الاعتداء بالعنف والضرب المبرح، حيث فقدت وعيها وبعد ذلك اضطرت شرطة الأخلاق إلى نقل الضحية إلى مستشفى كسرى في طهران. وقد فارقت الحياة في 16 سبتمبر (أيلول) أي بعد 3 ثلاثة أيام من احتجازها. وتمددت الاحتجاجات على وفاة مهسا أميني في غضون 72 ساعة من مدينة سقز (مسقط رأسها) في محافظة كردستان إيران إلى كل أنحاء البلاد. ربما لم تتصور قط مهسا أميني في فترة حياتها أن إيران ستنتفض يوما ما من أجلها وبسببها. أصبح وسم #مهسا أميني اليوم واحدا من أكثر الوسوم تداولا وبات هتاف «المرأة، الحياة، الحرية» ثلاثية جديدة يصدح بها المحتجون بدءا من كوباني وسنندج وطهران إلى تورونتو وأوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا.
مواجهة القمع
لم يهزم الشعب المنتفض في المدن الصغيرة والكبرى منذ أكثر من أسبوع أمام وابل من الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي والهراوات والعصي الكهربائية والذي يوجه ضده من قبل منظومة القمع. الشعب الذي خرج في هذه الموجة الاحتجاجية العارمة والاحتجاجات السابقة لم يحمل السلاح ويتصدى المتظاهرون اليوم في شوارع المدن الإيرانية لقوات نظام الجمهورية الإيرانية المدججة بالسلاح بكل شجاعة وسلمية. لقد أدرك المحتجون الذين نزلوا إلى الشوارع بأن البكاء على أرواح آلاف القتلى خلال السنوات التي تلت قيام الثورة لم يعد يجدي نفعا بل إن السلطات يمكن أن تقوم باعتقال أي واحد فيهم والاعتداء عليه وقتله من دون أن يرف لها جفن ومن دون أن تتعرض للمساءلة.
في هذه الاحتجاجات، خلافا للانتفاضات السابقة، للمرأة دور قيادي إلى جانب الرجال. لقد قام العديد من الفتيات والنساء بقص الشعر وحرق الحجاب في الشوارع تعبيرا عن رفضهن لأحد أهم الأركان الآيديولوجية للجمهورية الإسلامية حيث إن الحجاب زي مفروض على النساء في إيران منذ قيام الثورة في 1979. بدت الجامعات والحركات الطلابية مثل نار تحت الرماد وبدأت تنهض من جديد بعد أن كانت مخنوقة وصامتة خلال السنوات العشر الماضية ولحق الطلاب في أكثر من 10 جامعات إيرانية إلى حركة الإضرابات العامة.
لقد أظهرت التجارب السابقة وأعمال العنف والقتل والقمع خلال الاحتجاجات في فترة الجمهورية الإسلامية بأن السلطة الحاكمة لم تتراجع عن موقفها بتاتا بل إنها لم تتحمل مسؤولية أخطائها وما ترتكبه أجهزتها القمعية.
قامت السلطة الحاكمة على مدار الـ44 عاما الماضية بمعالجة الأخطاء بالأخطاء معتمدة على أجهزة قمعية جاهزة على مدار الساعة لممارسة القمع والإرهاب والتنكيل وأصبحت المقابر في أنحاء البلاد عامرة بسبب سياسات النظام في القتل والإعدام. لم يقتل النظام الإيراني ستار بهشتي وزهراء كاظمي وزهراء بني يعقوب وأميد ميرصيافي في المعتقلات عن طريق الصدفة بل إن هؤلاء ضحايا التعذيب الوحشي والقمع المتكرر والممنهج.
0 Comments: