رغم أنّ للقاعدة وجوداً كبيراً في محافظة البيضاء، على بعد عدة كيلومترات من القوات الحوثية، إلا أنّه لا يحدث بينهما أيّ نوع من أنواع الاشتباك أو المناوشة، بل يحدث تنسيق أحياناً، ومن أبرز الدلائل على ذلك، القبض على عناصر من القاعدة تقاتل مع الحوثي، والعبوات الناسفة التي وجدوها في بعض المعارك، وكانت تتطابق مع عبوات الحوثيين التي يستخدمونها في حربهم ضد الحكومة، وهذا يؤدي إلى خلط الأوراق وإرباك المشهد وإشغال القوات المسلحة، فأيّ علاقة بين التنظيم والحوثيين؟.
وفقاً للإعلام العسكري للقوات المشتركة، فإنّ هناك تنسيقاً يجري بشكل دائم بين الحوثي والقاعدة في بعض المعارك العسكرية، خاصة ضد القوات الجنوبية، وأهم الدلائل على ذلك القبض على "محمد عبده كشموع" من قِبل الأجهزة الأمنية في قطاع أمن الساحل الغربي، وهو واحد من قادة ما يُسمّى "جهاز الأمن والمخابرات" التابع لميليشيا الحوثيين، بعد أن كان عضواً سابقاً في تنظيم القاعدة الإرهابي.
وتؤكد دلائل المعارك التي كانت تجري على الجبهة اتجاه القاعدة دائماً إلى الجنوب وترك الشمال، كما حدث في مدينة المكلا حاضرة حضرموت وأبين ومناطق في شبوة، وصولاً إلى محافظة لحج، وعدن، بينما الحوثي يركض بميليشياته خلف التنظيم بالمناطق نفسها، ليبدو أمام العالم أنّه يكافح الإرهاب.
إنّ من يتولى الطرف الوسيط بين القاعدة والحوثي هو الجنرال في الحرس الثوري (حسن إيرلو) قبل مصرعه بغارة جوية لقوات التحالف في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2021، وقد نجح في "تشكيل خلية وغرفة عمليات مشتركة بين قاسم حمران وقيادات تابعة للتنظيم من محافظة لحج وعدن وحضرموت وأبين والضالع وشبوة المعينين من الحوثي"، وهي من تولت الاتفاق على تخصيص "ميزانية كبيرة للتنظيم تقدر بأكثر من (100) مليون ريال يمني شهرياً،
فضلاً عن الأسلحة والألغام والمتفجرات، وترتيب إطلاق صفقات تبادل الأسرى، التي بدأت بإطلاق سراح خبير المتفجرات بتنظيم القاعدة القيادي محمد عائض الحرازي، المعروف بقربه من زعيم التنظيم آنذاك، ناصر الوحيشي، وكان الحرازي يقضي حكماً بالسجن (10) أعوام في سجن الأمن السياسي بصنعاء منذ 2011، وأطلق سراحه فجأة في إطار صفقة لتبادل الأسرى بين تنظيم القاعدة وميليشيا الحوثي، وقد لقي حتفه بعد ذلك بغارة أمريكية في محافظة البيضاء.
وفق ما ذكره المحلل السياسي والعسكري (علي الذهب) في تصريحات إعلامية، فإنّه ما بين عامي 2022-2016 أطلق الحوثيون سراح أكثر من (400) معتقل من تنظيم (القاعدة) كانوا في سجون جهازي الأمن السياسي والقومي، على ذمة قضايا إرهابية، وكثير منهم صدرت بحقهم أحكام من المحكمة الجزائية المتخصصة بمكافحة الإرهاب، بينهم قيادات من مستويات مختلفة، وكان من أبرز المفرج عنهم، القيادي جمال البدوي المتهم بالمشاركة في استهداف المدمرة الأمريكية (كول) عام 2000، وقد لقي مصرعه في 2018 بغارة أمريكية في مأرب.
ومنها أيضاً ما جرى يوم 20 شباط (فبراير) 2023، والذي أكده رئيس ما تُسمّى "لجنة الأسرى" في ميليشيا الحوثي عبد القادر المرتضى، في تغريدة على حسابه في (تويتر)، أنّ جماعته أجرت "عملية تبادل للأسرى" مع تنظيم القاعدة في شبوة، وأنّه إثر هذه العملية تم الإفراج عن (3) من عناصر الحوثيين في مقابل أسيرين تم أسرهما في جبهات البيضاء، وأنّ مفاوض تنظيم القاعدة الإرهابي عبد الله علي علوي مزاحم الملقب بـ (الزرقاوي) أجرى لقاءات عديدة مع مفاوض ميليشيا الحوثي القيادي محمد سالم النخعي (أبو أنس)، وتم الاتفاق بين الطرفين، على حدّ قوله.
وخلال الأعوام الماضية استعاد التنظيم معظم عناصره التي كانت تقبع في سجون صنعاء وتقدر بالمئات، ما عدا بعض الأفراد الذين يوفرون للحوثي غطاء أمام المجتمع الدولي بأنّ الحوثي يواجه الإرهاب.ذكر تنظيم داعش في إحدى صفحاته بموقع التواصل (تيليغرام) أنّ زعيم قاعدة اليمن خالد باطرفي التقى في كانون الثاني (يناير) الماضي بعدد من القيادات الميدانية، على رأسهم (أبو الهيجاء الحديدي، أبو علي الديسي، أبو أسامة الدياني، أبو محمد اللحجي)، مطالباً بتجهيز عمليات انتحارية بسيارات مفخخة، في شبوة وأبين وحضرموت وعدن، وجميعها موجهة ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، مع توجيه القيادات بعدم العمل في مناطق سيطرة الحوثيين.
0 Comments: