نوايا مخفية.. أميركا تستدعي الحرس التكنولوجي القديم للتحقيق
عندما يسمع الناس عن السباق للهيمنة على الذكاء الاصطناعي الجديد، فإنهم غالباً ما يعتقدون أن المنافسة الرئيسية في هذا المجال، تدور بين الولايات المتحدة والصين، فحكومتا هاتين الدولتين تنظران إلى الذكاء الاصطناعي التوليدي، على أنه تكنولوجيا استراتيجية يجب السيطرة عليها، نظراً للدور الذي ستلعبه في النمو الاقتصادي، والأمن القومي، والهيمنة التكنولوجية.ولكن ما قد يفاجئ البعض، هو أن الإدارة الأميركية وإلى جانب الجهود الهائلة التي تقوم بها، لمنع وصول تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى الصين، فإنها تخوض أيضاً معارك جانبية مع شركاتها المحلية التي تطور هذه التكنولوجيا، للتأكد من تيسير نشر الذكاء الاصطناعي الجديد، وعدم تحويله إلى عنصر يتم احتكاره، من قبل عدد محدود من الشركات لا يتجاوز عدد أصابع اليدين.
استدعاء الكبار للتحقيق
وضمن هذا التوجّه استدعت لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية (FTC)، وهي وكالة لمكافحة الاحتكار وتعزيز حماية المستهلك، الأسبوع الماضي، شركات Alphabet وAmazon وMicrosoft، لجمع المعلومات والتحقيق معها، بشأن استثمارات ضخمة تصل قيمتها إلى 19 مليار دولار، قامت بضخها في شركات Anthropic وOpenAI الناشئة، التي تعمل على تطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي ظهر للعلن لأول مرة في نهاية عام 2022.
وقالت رئيسة اللجنة لينا خان، إن وكالتها تبحث في صفقات الذكاء الاصطناعي، بين أكبر اللاعبين الذين يطورون التكنولوجيا ويستخدمونها، وتنظر عن كثب في الطرق التي قد تستخدم بها الشركات، قوتها لإحباط المنافسة أو خداع الجمهور، محذرة من أن شركات الذكاء الاصطناعي، لا يمكنها استخدام مزاعم الابتكار كغطاء لخرق القانون.
ما هي سلطة FTC؟
ومن خلال سلطتها يمكن للجنة التجارة الفيدرالية الأميركية (FTC)، أن تستدعي الشركات للتدقيق بما تقوم به، وأن تطلب منها الإجابة كتابياً عن الأسئلة التي توجهها لها، لتصدر لاحقاً النتائج التي توصلت إليها، بعد تحليل المعلومات الواردة من الشركات، وهو الأمر الذي قد يستغرق سنوات.
ورغم أن المعلومات التي تجمعها اللجنة هي لأغراض البحث، فإنه يمكنها استخدامها لفتح تحقيقات رسمية وذلك من خلال وزارة العدل الأميركية.
"الحرس القديم" يقلق هيئة مكافحة الاحتكار
وأصبح القائمون على مكافحة الاحتكار في أميركا، يشعرون بالقلق لأن العديد من الشركات الناشئة الواعدة، في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، تعتمد الآن بشكل كبير على "الحرس القديم" لشركات التكنولوجيا لتلبية احتياجاتها من التمويل، ما يمكن أن يؤدي إلى سوق يهيمن عليها عدد قليل من الشركات، فمثلاً استثمرت مايكروسوفت أكثر من 13 مليار دولار في شركة OpenAI الناشئة وهي صانع ChatGPT، وفي الوقت نفسه، التزمت غوغل بدعم شركة Anthropic الناشئة لتطوير برامج الذكاء الاصطناعي، بمبلغ 2 مليار دولار، كما وافقت أمازون العام الماضي على استثمار ما يصل إلى 4 مليارات دولار في Anthropic التي تأسست في عام 2021 على يد موظفين سابقين في OpenAI.
وانتقدت ريبيكا كيلي سلوتر، وهي عضو في لجنة التجارة الفيدرالية، عمالقة التكنولوجيا لتنظيمهم عمليات التمويل، بطريقة تتيح لهم تجنب قانون الاندماج الأميركي، وعدم إخطار جهات إنفاذ مكافحة الاحتكار، حيث كشف تقرير لبلومبيرغ، أن مايكروسوفت لم تبلغ الوكالة عن صفقة OpenAI، لأن التمويل الذي قامت به، لا يرقى إلى مستوى السيطرة على الشركة بموجب القانون الأميركي، في حين أن OpenAI مسجّلة كمنظمة غير ربحية وليس كشركة، وفي قانون الاندماج الأميركي، لا يتم الإبلاغ عن عمليات الاستحواذ على الكيانات غير التابعة للشركات.
0 Comments: