هل تعود جماعة الإخوان من جديد للمشهد العام؟
السؤال الذي يراود المتابعين لتاريخ جماعة الإخوان عموماً، ولتاريخ جماعات الإسلام السياسي على وجه الخصوص؛ هل تعود جماعة الإخوان لساحة المشهد السياسي بشكل شرعي مرة أخرى؟!
السؤال عائد إلى أنّ جماعة الإخوان، على مدار تاريخها، تعرضت للعديد من المحن والمواجهات، التي أدّت إلى حلّ التنظيم ومصادرة أموال الجماعة، وتعقّب المنتمين إليها، والزجّ بهم في السجون لأعوام طوال، لكن رغم ذلك، كانت جماعة الإخوان تعود في كلّ مرة أقوى مما سبق، مخترقة المشهد العام ومتوغّلة في جنبات المجتمع بشكل كبير وغير مفهوم.
كانت البداية مع صدام الجماعة بالدولة المصرية، في النصف الأول من القرن العشرين، المسألة التي استدعت حلّ الجماعة ومصادرة أموالها في حكومة محمود فهمي النقراشي، رئيس وزراء مصر في تلك الفترة، كان المتخيل حينها أنّ الجماعة انتهت، وتأكّد زوال دولة الجماعة بعد اغتيال مرشدها الأول، حسن البنا، عام 1949، أمام جمعية الشبان المسلمين، ودخلت الجماعة في دوامة لأعوام، حتى قيام ثورة يوليو، التي أعطت قبلة الحياة للجماعة مرة أخرى
بعد أن ساعدها الزعيم الراحل، جمال عبد الناصر، في العودة للمشهد السياسي مرة أخرى، غير أنّ تلك العودة لم تستمر طويلاً؛ بسبب طمع الجماعة في كرسي الحكم، وليس مجرد الحصول على بعض الحقائب الوزارية، ونتيجة لذلك؛ حاولت الجماعة اغتيال الزعيم جمال عبد الناصر، في حادث المنشية المشهور، وكانت تلك المحاولة سبباً كافياً لحلّ الجماعة مرة أخرى، ومصادرة أموالها، وتعقّب أتباعها، والزجّ بهم في المعتقلات لأكثر من عشرة أعوام.
ورغم الضربات المتلاحقة التي تلقتها الجماعة، إلا أنها استطاعت استقطاب أجيال جديدة من الشباب، حاولوا إحياء التنظيم مرة أخرى، في القضية المعروفة بــ "تنظيم 1965"، لكنّ الحكومة انتبهت سريعاً لتلك المحاولة، وتمّ القبض على أطراف المحاولة كافة، وحكم بالإعدام في تلك المحاولة على سيد قطب ومحمد يوسف هواش وعبد الفتاح إسماعيل، وسجن البقية.
عادت الجماعة مرة ثالثة في بدايات حكم الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، على اعتبار أنّ المنظومة العالمية في تلك المرحلة كانت تدعم التيارات الدينية في مواجهة التيارات القومية والاشتراكية، المدعومة من الاتحاد السوفيتي سابقاً؛ على اعتبار أنّ التيار الديني هو الوحيد الذي يملك القدرة على مواجهة الأفكار القومية، التي سببت مخاوف للأنظمة الملكية في المنطقة العربية، مما ساهم في تقديم الأنظمة الملكية كلّ الدعم، المادي والمعنوي، للفارّين من ملاحقات الأنظمة العربية القومية، بالأخص من مصر وسوريا.
ساهم دعم السادات للتيار الديني في الانتشار السريع لتلك الجماعات بين صفوف الطلاب في الجامعات المصرية، وظهرت على سطح المشهد السياسي الجماعة الإسلامية، وقيادتها الشبابية في الصعيد، وظهرت مرة أخرى جماعة الإخوان في القاهرة، وظهرت الدعوة السلفية في الإسكندرية، وبدأت عملية استقطاب عنيفة للشباب والمراهقين للانضمام لتلك الجماعات.
غير أنّ الجماعات الدينية، التي كان السادات سبباً رئيساً في عودتها، ما لبثت أن انقلبت عليه، واغتالته في حادث المنصّة الشهير، لتقضي الجماعات الدينية بعض الأعوام في السجون، قبل أن تعود مرة أخرى للمشهد العام، نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، وكانت العودة الأقوى لجماعة الإخوان، التي استخدمها النظام أيضاً في مواجهة الجماعة الإسلامية، التي انتشرت أفكارها سريعاً في أوساط الشباب وحققت قوة كبيرة في الشارع المصري.
كانت العودة الأكبر للجماعة في انتخابات مجلس الشعب، عام 2005، باتفاق مع الأجهزة الأمنية المصرية بضغط من النظام الأمريكي الساعي لاستحداث نظام شرقي أوسطي جديد، على خلفية حادث تفجير برج التجارة العالمي، في سبتمبر 2001.
ساهمت تلك العودة في انتشار جماعة الإخوان من جديد، واندماجها في العمل النقابي والحزبي، حتى قيام أحداث كانون الثاني (يناير) 2011، التي جاءت بالإخوان إلى كرسي الحكم في مصر، غير أن وصولها للحكم لم يستمر سريعاً، بالأخص عندما اكتشفت الجماهير حقيقة الجماعة التي توصف بـ"الإرهابية"، وخرجت ثائرة عليه في ثورة يونيو 2013، الثورة التي أنهت وجود الجماعة في المنطقة.
0 Comments: