السبت، 24 ديسمبر 2022

حصاد الإخوان 2022... كيف اقتربت الجماعة من الموت؟

الاخوان المسلمين



بدأت حالة التصدع الداخلي داخل تنظيم “الإخوان” تظهر إلى العلن منذ عام 2020، وذلك على خلفية أزمة القيادة التي يعاني منها والمرتبطة بالصراع المتصاعد بين أجنحته، وجاءت وفاة “إبراهيم منير” (القائم السابق بأعمال المرشد العام) في 4 نوفمبر 2022، لتضيف فصلًا جديدًا إلى الأزمات المركبة التي يشهدها، وتزيد من حالة التأزم والتشظي التي تعصف بمكوناته الهيكلية والتنظيمية. ومن ثم تسعى هذه الورقة إلى استعراض الأزمات المتتالية التي يواجهها التنظيم خلال الثلاث سنوات الأخيرة بهدف تفكيك ملامحها، وتفسير سياقاتها، واستعراض الإشكاليات المرتبطة بها.

صراع الجبهات: تبلورت الأزمة الداخلية داخل تنظيم “الإخوان” في أعقاب القبض على “محمود عزت” (القائم بأعمال المرشد العام آنذاك) في أغسطس 2020، ومع الإعلان عن تنصيب “إبراهيم منير” (قائمًا بأعمال المرشد العام) في سبتمبر 2020، ظهرت حالة من عدم التوافق حول الأخير، لا سيما من قبل “محمود حسين” (الأمين العام السابق) وعدد من القيادات داخل التنظيم، أفضت إلى الدخول في صراع مفتوح بين جبهة “إبراهيم منير” المعروفة بجبهة “لندن”، وجبهة “محمود حسين” المسماة بجبهة “إسطنبول”.

وقد شرع “منير” منذ تعيينه في اتخاذ جملة من الإجراءات، حيث أصدر قرارًا بإلغاء “الأمانة العامة” التي كان يرأسها “حسين”، ثم عمل على تشكيل “لجنة لإدارة التنظيم” تحت رئاسته، وحل “المكتب الإداري” لشئون التنظيم بتركيا نتيجة لعجزه عن القيام بمهامه في يوليو 2021، كما أحال “حسين” وعددًا من أعضاء “مجلس الشورى العام” للتحقيق بسبب رفضهم الامتثال لقراراته في أغسطس 2021، بجانب تشكيله “لجنة إدارة تركيا” (وهي لجنة خاصة تدير شئون التنظيم في تركيا) تتكون من مجموعة من القيادات الموالية له، وذلك على خلفية حل “مجلس شورى التنظيم” وحل “المكتب الإداري”، فضلًا عن أصدراه قرارًا بإيقاف 6 من قيادات التنظيم نتيجة “لمخالفات إدارية وتنظيمية”، على رأسهم “حسين” في أكتوبر 2021.

وفي مواجهة تلك الإجراءات، قررت جبهة “إسطنبول” اتخاذ خطوات تصعيدية، إذ نشر موقع “إخوان أونلاين” التابع لجبهة الأخيرة في أكتوبر 2021، بيانًا تحت عنوان “بيان من الإخوان بشأن قرارات مجلس الشورى العام” يفيد بأن “مجلس الشورى العام” اجتمع في نصاب قانوني تجاوز 75%، وقرر إعفاء “منير” من مهامه كنائب للمرشد العام للإخوان بموافقة 84% من المشاركين، كما قرر إلغاء الهيئة المشكلة طبقًا لوثيقتها الصادرة عن “مجلس الشورى العام” بموافقة 78% من المشاركين في 16 يناير 2021.

وفي سياق متصل، نشر الموقع سالف الذكر في نوفمبر 2021 بيانًا بعنوان “قرار مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان”، يفيد بتشكيل لجنة مؤقتة يختارها مجلس الشورى العام تقوم بعمل المرشد العام لمدة ستة أشهر، واستمرارًا لذلك التوجه، أعلنت جبهة “حسين” عبر الموقع ذاته، في 18 ديسمبر 2021 تكليف “مصطفى طلبة” رسميًا بإدارة لجنة القائم بعمل مرشد “الإخوان”، في إشارة واضحة الى عزل “منير” رسميًا، وذلك استنادًا لقرار مجلس الشورى الصادر في أكتوبر2021. 

وردًا على تلك التحركات، أعلنت جبهة “لندن” في بيانها الذي نشر على موقع “الإخوان سايت” في يناير 2022، تحت عنوان “ليسوا منا ولسنا منهم” التالي: “ليس منا ولسنا منه كل من خرج عن الصف وكل من ساهم في شق الجماعة وترديد الافتراءات الكاذبة، وبطلان ما يسمى (اللجنة القائمة بعمل فضيلة المرشد) التي قام البعض بالإعلان عنها، ويعتبر كل من شارك فيها قد اختار لنفسه الخروج عن الجماعة وذلك بمخالفته لوائحها وأدبيتها ورفض كل محاولات لم الشمل وتوحيد الصف”، لتعرب بشكل واضح عن خروج جبهة “حسين” من التنظيم.

وامتدادًا لتلك الخطوات التصعيدية، لفتت تقارير صحفية عده إلى قيام جبهة “لندن” بعقد مؤتمرًا في تركيا في الفترة من 14 – 17 يوليو 2022، بهدف انتخاب “مجلس شورى عام” جديد، واختيار نائبين لـــ”منير”. كذا قررت الجبهة ذاتها في أغسطس 2022، تشكيل “هيئة عليا” لتحل محل مكتب الإرشاد التابع لجبهة “حسين” وذلك في إطار المواجهة مع جبهة الأخير التي تتمسك بمواقعها التنظيمية كأعضاء سابقين في مكتب الإرشاد.

وبعد وفاة “منير” دخل الصراع بين الجبهتين منعطفًا جديدًا، إذ أعلنت جبهة “لندن” في 5 نوفمبر 2022 على لسان “صهيب عبد المقصود” المتحدث باسمها، تكليف “محيي الدين الزايط” (عضو مجلس شورى الإخوان) بإدارة أمور التنظيم “مؤقتًا” حتى يتم الإعلان عن القائم بالأعمال الجديد.

وفي المقابل، أصدرت جبهة “إسطنبول” على موقع “الإخوان أون لاين” التابع لها بيانًا جاء تحت عنوان “بيان هام من مجلس شورى عام جماعة الإخوان المسلمون “في 16 نوفمبر 2022، بهدف إعلان تنصيب “محمود حسين” قائمًا بأعمال المرشد العام للإخوان خلفًا لـ “منير”، وذلك استنادًا للمادة الخامسة من اللائحة العامة للتنظيم والتي تُعطي الحق لـ”حسين” لإدارة التنظيم، وذلك على خلفية كونه القيادة الوحيدة من بين أعضاء مكتب الإرشاد المتواجدة خارج السجن.

وكرد فعل على هذا التحرك، أعلنت جبهة “لندن” عبر موقعها ” إخوان سيت” في اليوم ذاته تصريحًا جاء تحت عنوان “جماعة الإخوان المسلمين: القائم بتسيير أعمال المرشد العام الدكتور محيي الدين الزايط” لتؤكد فيه أن “الزايط” هو القائم بتسيير أعمال المرشد العام، وذلك لحين استكمال الترتيبات اللازمة بتسمية القائم بالأعمال. 


0 Comments: