الاثنين، 8 أبريل 2024

كيف ينظر الأمريكيون للتراث الإسلامي في بلدهم؟

 

امريكا


كيف ينظر الأمريكيون للتراث الإسلامي في بلدهم؟


نادراً ما يتم نشر القصص حول التاريخ الطويل للهجرة الإسلامية إلى الولايات المتحدة، والذي يعود إلى مئات السنين، كالتي تقدمها قصة أمير محمد، مؤسس ومدير متحف التراث الإسلامي في الولايات المتحدة، وهي مؤسسة صغيرة تقع جنوب شرق العاصمة واشنطن.

يقول محمد (64 عاماً)، في مقابلة  "لم يتردّد المسلمون الأمريكيون على متحفنا، وليس هناك الكثير من الأمريكيين، يأتي إلينا بعض الدارسين والضيوف الدوليين".كما يتحدّث محمد، بصبرٍ، عن ذلك الجانب من النسيان واللامبالاة من قبل المسلمين الأمريكيين، في أحد أروقة المتحف الذي يتزين مدخله الأمامي بلافتة كتبت بخطّ أزرق؛ "متحف التراث الإسلامي في أمريكا"، لافتاً إلى زيارة قام بها طاقم تلفزيوني فرنسي لإعداد فيلم وثائقي.


بدأ متحف التراث الإسلامي في أمريكا عمله عام 1996، كمعرض متنقل يحمل اسم "مختارات من قصص المسلمين الأمريكيين"، ومنذ انتقاله، عام 2011، إلى موقعه في شارع "مارتن لوثر كنج جونيور" بالعاصمة واشنطن، قام المتحف بعرض القطع الأثرية والوثائق والصور التي تستكشف مساهمات وموروث المسلمين الأمريكيين، لحوالي 52000 شخص، منهم حوالي 8000 شخص العام الماضي، في حين كان هناك 30 مليون زيارة، تم إجراؤها العام الماضي إلى 19 متحفاً، وصالات عرض تضمّها مؤسسة "سميثسونيان"، التي لا تبعد عن المتحف سوى بضعة أميال.

ومع هذا، لا يبدو محمد جزعاً، بل يقول: "من الظلام يأتي ضوء ما"، مشيراً إلى أنّ الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة المحيطة بالمتحف، يتحسّن.من جهته، يرى عماد الترك، الذي شارك في تأسيس "المتحف الدولي للثقافات الإسلامية" في مدينة جاكسون بولاية مسيسيبي، أنّ لهجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 دوراً في قلة رواد متاحف التراث الإسلامي.


ربما كان "المتحف الدولي للثقافات الإسلامية" أقلّ شهرة من "متحف التراث الإسلامي في أمريكا"، ويرجع ذلك جزئياً، وفق الترك، إلى أنه يقع بعيداً عن أيّة مدينة رئيسة في ولاية يغلب عليها الطابع الريفي، وينصبّ تركيزه على تثقيف الجمهورِ حول التاريخ والثقافة الإسلامية والمساهمات الإسلامية في الحضارة العالمية، وليس فقط في أمريكا.يقول الترك: "في ذلك الوقت (بعد هجمات 11 سبتمبر) كان الناس يخافون حقاً مما كان يحدث، وكيف ستكون العلاقة بين المسلمين الأمريكيين وغير المسلمين."


وفي كتاب "أمريكا، كتابة عن الجذور العربية والإسلامية لأمريكا"، يلاحظ الكاتب والصحفي جوناثان كورييل؛ أنّه منذ هجمات 11 سبتمبر، كان من الصعب على بعض الأمريكيين "رؤية الثقافة العربية والإسلامية كأيّ شيء آخر غير الإرهاب والأصولية، لقد أصبحت مفردات "العربي" و"المسلم" "مثيرةً للفزع والغضب".كانت هناك أيضاً نزعة، كما يعتقد كورييل، لرفض أيّة ادعاءات تاريخية بفضل ما للثقافة العربية والإسلامية على الثقافة الأمريكية، فدائماً ما يتم اعتبارها "ثقافتهم"، وليست "ثقافتنا".


ويبدو مثيراً أنّ هناك مدينتين في الولايات المتحدة تحملان اسم محمد، هناك أيضاً فلسطين، في ولاية تكساس، وعلاء الدين، في وايومنغ، كما تحمل عدة مدن بولايات مختلفة اسم بغداد، وكان هناك مكتب بريد بالولايات المتحدة يحمل اسم مكة، بولاية إنديانا، منذ عام 1888، كما يمكن الكشف عن أساليب معمارية مغاربية في المباني في جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، حتى الأقواس المدببة التي كانت ذات يوم تقف في قاعدة برجي مركز التجارة العالمي، اللذين سقطا في مدينة نيويورك، بتأثير هجوم 11 سبتمبر، تحاكي التقاليد الهندسية الإسلامية.

وقد تكون موسيقى "البلوز" (نغمٌ وغناء حزين ارتبط بالسود) شكلاً فنياً أمريكياً فريداً نشأ في الجنوب، غير أنّ علماء الإثنوغرافيا الموسيقية، أكدوا أنّ العديد من أنغامها وتجانسها يشبه صلوات المسلمين وتلاوات أخرى، نتيجة للأفارقة الذين جاؤوا إلى الولايات المتحدة من مناطق مسلمة في إفريقيا.

ووفق مركز "بيو" للأبحاث، يعيش حوالي 3 ملايين مسلم في الولايات المتحدة، وفي مقابل هذا العدد؛ هناك قرابة 5.6 مليون يهودي و240 مليون مسيحي، وهما الديانتان المسيطرتان في أمريكا، وحوالي 50 مليون شخص (غير محددين دينياً)، لكن بحلول عام 2050؛ يقدّر المركز، أنّه سيكون هناك ما لا يقل عن 8 ملايين مسلم يعيشون في الولايات المتحدة، بينما سيكون السكان اليهود أقلَّ ممّا هم اليوم، أي بنحو 5.3 مليون نسمة.

وتظهر بياناتُ جرائم الكراهية الفيدرالية التي نشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي؛ أنّ أكثر من نصف جرائم الكراهية الدينية في أمريكا استهدفت اليهود عام 2017، بينما استهدفت ربع المسلمين تقريباً.

0 Comments: