روافد التحرك الإخواني بألمانيا
يعد السكرتير الشخصي وزوج ابنة حسن البنا، سعيد رمضان أول من اتخذ للإخوان المسلمين موضع قدم في ألمانيا، حيث قدم من مصر إلى جنيف في العام 1958 ودرس الحقوق في كولونيا، ثم أسس "التجمع الإسلامي في ألمانيا"، إحدى المنظمات الإسلامية الثلاث الكبرى هناك، كما أسهم في تأسيس "رابطة العالم الإسلامي"، ومع بداية التسعينيات برز "الجيل الثاني" من المؤسسات الإخوانية في أوروبا، وفي هذا التوقيت كانت التنظيم الدولي للجماعة يتحرك أفقياً من خلال جمعيات ومنظمات محسوبة عليه، بلغ عددها أكثر من 500 منظمة بدول الاتحاد الأوروبي وخارجها، ورأسياً من خلال توظيف الهجرات إلى أوروبا، أو من خلال الاتحاد العالمي لطلاب المسلمين.
جماعة الإخوان في ألمانيا كان لها إطاران للتحرك؛ الأول رسمي عن طريق 3 كيانات إسلامية كبرى، وهي: المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، والمؤسسة الإسلامية لألمانيا، التي تتحكم في نحو 60 مركزاً إسلامياً، وإطار آخر غير رسمي يتمثل في الأفراد المنتمين للإخوان من خارج الإطار التنظيمي، ويتولون مهمة إدارة عدد من الجمعيات والمنظمات الأصغر التي تقوم بأدوار بعيدة عن الإطار الديني، بهدف جذب تعاطف الأوروبيين لأفكار الإخوان عبر تسويقها في إطار علماني يستهدف الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.
بداية الموجة الثانية من المنظمات الإخوانية بألمانيا، كانت عبر إبراهيم الزيات، صهر صبري أربكان، زعيم جماعة ميللي جوروس التركية، ذات الروافد الإخوانية، التي تسيطر على قطاعات عريضة من الجالية التركية في ألمانيا، وهي التي اندمجت فيما بعد في إطار كيان جديد أطلق عليه ZENTRALRAT، يترأسه الزيات أيضاً.
الزيات من مواليد 1968، مصري ويحمل الجنسية الألمانية، وهو أحد أهم أعضاء التنظيم الدولي للإخوان، وتولى رئاسة الجمعية الإسلامية في ألمانيا خلفاً لغالب همت الذي ثارت حوله شبهات العام 2009، عن علاقته بإحدى الجماعات الإرهابية، ما حدا بالحكومة الألمانية لتوقيفه والتحقيق معه، وفقاً لتقارير صحافية، لكن التحقيق أغلق على الرغم من أن الاتهامات التي نسبت إليه، نظراً لنفوذه المالي الكبير، فهو رئيس مجلس إدارة الزيات للتجارة، ورئيس مجلس إدارة "إس إل إم" لتجارة العقارات والاستثمار، وهي الشركة التي تدير الأعمال العقارية للإخوان في أوروبا، وفق مراقبين.
الأخطر فيما فعله الزيات بألمانيا هو ترؤسه لقسم الشباب والطلاب، باتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا، التابع للتنظيم الدولي الإخواني، وتأسيسه للاتحاد الإسلامي للطلاب بألمانيا، ومنتدى الشباب المسلم الأوروبي، الذي يضم في عضويته اتحادات الشباب الموجودة في مختلف دول أوروبا ومقره ألمانيا، ويعاونه في إدارته، محمد عبدالظاهر المصري الجنسية ، وهو مسؤول اللجنة المالية في اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا.
فى برلين يوجد مركز "الرسالة" الذي يديره جعفر عبدالسلام، أحد كوادر الإخوان في ألمانيا، ويعمل الإخوان من خلال هذا المركز على توسيع قاعدة التنظيم عن طريق مراكز تعليم اللغة العربية والقرآن.
أما المنظمة الأكبر التي يعتمد عليها الإخوان في تحركاتهم بألمانيا، فهي رؤيا الملة (ميلى جراش)، التي تأسست في مدينة كولونيا في العام 1986، وبلغ أعضاؤها حوالي 5000 عضو، ويخضع لها 30 جمعية نشطة، و1091 حلقة دينية، وهي التي تصدر مجلة ميلى جازيت "Mili Gazete".
ومن الهيئات المهمة الجمعية الإسلامية في ألمانيا، ومقرها في ميونيخ، ويديرها الإخواني المعروف أحمد خليفة، ونديم محمد عطا إلياس، الذي يدير المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، أيضاً.أما بيت "عطاء الخير" فهي منظمة إخوانية تقدم مساعدات للمهاجرين، يديرها عطا الله إلياس، سعودي الجنسية، عمل عضواً لمجلس إدارة المركز الإسلامي بآخن (مسجد بلال) والمتحدث الرسمي باسمه، وهو المركز الذي يديره الإخوان السوريون.
وتعتمد جماعة الإخوان على منظمات نسائية، منها منظمة المرأة المسلمة فى ألمانيا، بمدينة بون، تحت رئاسة صبيحة أربكان، زوجة إبراهيم الزيات.ويحظى المجلس الأعلى للشباب المسلم، التابع للمركز الإسلامي في ميونيخ، بمكانة عالية لدى الجماعة، مثل المركز الثقافي للحوار، وهو مركز يقع بحي فيدينج، بالعاصمة برلين، الذي سيطر عليه الإخوان، تحت رئاسة كل من فريد حيدر، ومحمد طه صبري، وخالد صديق.
ورصدت دراسة مؤخراً تحت عنوان "ألمانيا والإخوان المسلمون" صادرة عن مركز أبحاث الدراسات الدولية للباحث الألماني جيدو شناينبرج، سيطرة الإخوان على التجمع الإسلامي في ألمانيا (IGD)، والاتحاد التركي للجمعيات الثقافية الإسلامية في أوروبا (ATIB)، واتحاد المراكز الإسلامية الألبانية في ألمانيا (UIAZD)، والجمعية الإسلامية للبوسنيين في ألمانيا (IGBD)، إضافة إلى رابطة الجمعيات الإسلامية الألمانية بالراين ماين (DIV).
وذكرت الدراسة أن جمعية شباب المسلمين بألمانيا واحدة من أكبر مؤسسات الشباب في البلاد، وهي تابعة لمنتدى شباب المسلمين الأوروبي، والأشخاص البارزون فيها: ماليكا منصوري، وأيمن مزيك، وتشير تقارير الأمن الألماني إلى وجود روابط قوية بين الجمعية، وقادة جماعة الإخوان، فالزيات كان رئيساً لها في الفترة ما بين 2003- 2005.
كما أنّ الرابطة المركزية للمسلمين، هي واحدة من المنظمات التابعة للإخوان في ألمانيا، وتتعامل معها الحكومة الألمانية على أنها جزء من شبكة الإخوان السورية في أوروبا.وانضم معهد العلوم الانسانية، وهو فرع من المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، للإخوان، عن طريق خالد حنفي، مدير وعضو المجلس الأوروبي للفتوى والبحث.لقد أثمرت استراتيجية الإخوان للتحرك في أوربا أفقياً ورأسياً، وأدت إلى انتشار التنظيم الدولي، إلا أن المؤشرات والتقارير تؤكد أن أوروبا غضت الطرف عن انتشار الجماعة بقصد توظيفها في أجندات خاصة.
0 Comments: