الأربعاء، 13 مارس 2024

سلاح ذو حدين.. كيف يستطيع الذكاء الاصطناعي تغذية الإرهاب والمساعدة في القضاء عليه؟

 

الذكاء الاصطناعي

سلاح ذو حدين.. كيف يستطيع الذكاء الاصطناعي تغذية الإرهاب والمساعدة في القضاء عليه؟

مع التطور السريع الذي شهده العالم في مجالَي التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي طمحت الجماعات الإرهابية إلى استخدام تلك الأدوات الجديدة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، بغرض تنفيذ هجماتها بسهولة، وتأثير أكبر.

ويزداد التخوف من استخدام التكنولوجيا من قِبل الجماعات الإرهابية والمتطرفة يومًا بعد يوم، خاصةً مع التطور في مجال “الذكاء الاصطناعي”، والذي يمكن تعريفه بأنّه نظام حاسوبي يستطيع القيام بمهام في الأصل هي مهام لم يكن يستطيع القيام بها سوى الإنسان، مثل الإدراكَين البصري والصوتي، والطائرات المسيّرة والروبوتات.

ومن ثم، يمكن للجماعات الإرهابية استخدام الذكاء الاصطناعي في جُلّ مراحل الهجوم الإرهابي، سواء في مرحلة ما قبل الهجوم والتجسس والتجنيد وتحديد الطريقة المثلى للهجوم بناءً على طبيعة المكان أو الشخص المستهدفَين، أو في مرحلة تنفيذ الهجوم ذاته عن طريق تسيير مسيّرات، واستهداف أشخاص بعينهم، وفقاً لما أوردته دراسة حديثة لموقع "ترندز للبحوث والاستشارات"، بعنوان "الذكاء الاصطناعي والإرهاب.. الآليات وسبل المواجهة".

كيف يمكن أن تَستخدم الجماعات الإرهابية الذكاء الاصطناعي؟

وبحسب مركز مكافحة الإرهاب التابع للأمم المتحدة فإنّ التهديدات التي يمكن أن تقوم بها الجماعات الإرهابية باستخدام الذكاء الاصطناعي بناءً على الغرض من استخدام الذكاء الاصطناعي، تتمثل في هجمات حجب الخدمة؛ وذلك عبر إرسال الجماعات الإرهابية كمًّا هائلًا من البيانات أو طلبات الاتصال، فيما يُعرف بـ”ازدحام المرور” للمواقع المراد الهجوم عليها؛ ما يجعل هذه المواقع غير قابلة للدخول عليها من قِبل المستخدمين العاديين.

كما يمكن أن تستخدمه في البرمجيات الخبيثة أو الضارّة؛ والتي تكون محمّلة بفيروسات قد تمكّن الجماعات الإرهابية من تعطيل أو السيطرة أو التجسس على حاسوب الشخص أو الجهة المستهدفة، كما يمكِن للجماعات الإرهابية استخدام تلك الخاصية لتدمير البنية السيبرانية للجهات المستهدفة، سواء كانت عامة أو خاصة.

كذلك تقوم الجماعات الإرهابية بتخمين كلمة المرور تخمين كلمة المرور منذ عقود، ولكن مع صعود الذكاء الاصطناعي فإنّ الجماعات الإرهابية زادت من كفاءتها فيما يتعلق بتخمين كلمات المرور الخاصة بالمواقع التابعة للمستهدفين.

هذا إلى جانب التشفير لبياناتهم ورسائلهم عبر البريد الإلكتروني بين بعضهم بعضًا؛ لإخفاء بياناتهم وجعلها أكثر سرّية، وعلى النقيض يستخدمون عمليات فكّ التشفير لأي حاسوب، أو معلومات يريدون الوصول إليها.

كما تقوم الكثير من الجماعات الإرهابية والمتطرفة باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحضير وتكوين دعاية كاذبة ثم الترويج لها، فضلاً عن استقطاب الأفراد والتجييش واختراق الأنظمة الأمنية والدفاعية للدول والمؤسسات الأمنية.

أمثلة على الجماعات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي

واستندت الدراسة على أمثلة عدة تم فيها استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض إرهابية وتحريضية على جماعة، أو دين أو عرق أو جنس معين، من بينها؛ قناة تلغرام حيث قامت مجموعة من العنصريين تجاه السامية “اليمين المتطرف” بإنشاء قنوات عديدة على تلغرام ونشر صور وفيديوهات مفبركة باستخدام الذكاء الاصطناعي للترويج لأفكارهم المعادية للسامية والمستندة إلى النازية الجديدة، حيث قاموا بإنشاء صور لتمجيد رموز النازية مثل “أدولف هتلر”.

 وفي آب/أغسطس 2023، قام أحد عناصر داعش برفع خطاب لأحد القادة على برنامج خاص بالذكاء الاصطناعي لترجمته إلى لغات عدة بهدف نشره إلى أكبر عدد ممكن من الأفراد حول العالم، وبالتحديد قام ذلك الشخص بترجمة نصّ بيان لمنظمة الفرقان، والتي تُعرف بأنّها الذراع الإعلامية لداعش؛ ما يساعد على انتشار الأفكار الإرهابية بشكل أسرع وأشمل.

وفي حزيران/يونيو 2023 تم اكتشاف منشورات على عدد من وسائل التواصل الاجتماعي لعدد من الصور التي تم تركيبها بواسطة القاعدة، والتي تحوي عبارات تشير إلى أفكار القاعدة، وصورًا لأسلحتهم، ولكن بالتدقيق في هذه الصور تبين أنها ليست حقيقية، حيث تبيّن عدم وجود تناسق بين الأسلحة المعروضة على سبيل المثال.

كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة الإرهاب؟

 تؤكد الدراسة أنّ قدرات الذكاء الاصطناعي ليست قاصرة على استخدام الجماعات الإرهابية لها فقط، ولكن من الممكن أن تقوم الدول والحكومات وأجهزة المخابرات باستخدام الذكاء الاصطناعي في التنبّؤ والتعرف على الجماعات الإرهابية والقدرة على منعهم من القيام بعملياتهم الإرهابية من الأساس.

ومن بين طرق استخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة العمليات الإرهابية، ذكرت الدراسة المساعدة في تقويض الأفكار المتطرفة، إذ من الممكن أن تقوم الدول باستخدام الذكاء الاصطناعي في التعرف على ذلك المحتوى الذي يحمل أفكارًا إرهابية وتقوم بحجبه، بل تقوم بتصدير محتوى مضاد يحمل حقائق مخالفة للأفكار الإرهابية المرَوَّجة.

هذا إلى جانب المساعدة في تحديد احتمالية أن يكون الشخص إرهابيًّا؛ ومن الأمثلة على ذلك، قامت وكالة الأمن القومي الأمريكية في عام 2007 باستخدام خاصية تشبه الذكاء الاصطناعي بشكله الحالي المتعارف عليه، وخلصت إلى أنّه هناك 15 ألف مواطن باكستاني من أصل 200 مليون باكستاني، آنذاك، من الممكن أن يكونوا إرهابيين في ذلك الوقت، أو لديهم فكر متطرف.

كما يمكن من المساعدة في التعرف على وجه الإرهابيّين؛ فعلى سبيل المثال قامت الشرطة الفيدرالية الألمانية في عامَي 2017 و2018 بتركيب كاميرات تتضمن خاصية التعرف على الوجوه، والتي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، في محطة قطار ألمانية تعتبر من أكثر المحطات ازدحامًا بهدف التعرف على عناصر الجماعات الإرهابية المرغوبين لدى الحكومة الألمانية.

يمكن الذكاء الاصطناعي أيضاً من المساعدة في تعقّب تمويل الإرهاب وهي تقنية تتكون من جمع وتحليل المعلومات من مصادر خارجية، مثل الوسائط والشبكات الاجتماعية والمنتديات عبر الإنترنت والمدونات لتعقب تمويل الإرهاب.

هذا إلى جانب تحسين عملية صنع القرار في مكافحة التطرف والإرهاب، وكذلك في تحليل البيانات الضخمة لأغراض مكافحة الإرهاب، فمن الممكن أن يُقلّص الذكاء الصناعي، إلى حدّ بعيد، من احتمالات الخطأ في مراحل البحث والتحري، وتحديد المتورطين، وكذلك في مراحل الملاحقة، والسعي إلى إنفاذ القانون.

وأيضاً تحسين التعاون الرقمي بين الأجهزة المعنية بمجابهة ومكافحة الإرهاب، خصوصاً أنّ الذكاء الصناعي أداة يمكن أن تكون ناجعة في نحسين التعاون الرقمي بين الأجهزة المعنية بمجابهة ومكافحة الإرهاب داخل الدول، وبين الدول وبعضها بعضًا.

الدراسة خلصت إلى أنّ الذكاء الاصطناعي كما يمكن أن يُستخدم أداة في يد المتطرفين والإرهابيين، يمكن أن يكون في المقابل حجر زاوية في مستقبل المواجهة الأمنية ضد الإرهاب والتطرف، فهو في النهاية مجرد أداة تتحدد تأثيراتها وفقًا لمن يستخدمها، ولأي هدف يستخدمها.

ورجحت أن يتزايد في قابل الأيام استخدام الجماعات المتطرفة والإرهابية للذكاء الاصطناعي، وفي المقابل ستطور الدول والمؤسسات المعنية المزيد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتصلة بالتنبؤ والتحصين، والملاحقة لمجابهة، ومكافحة التطرف والإرهاب.