الخميس، 9 مايو 2024

أزمة المهاجرين الأفارقة تتصدر الأحداث في تونس.. توترات ومظاهرات

 

المهاجرين الأفارقة

أزمة المهاجرين الأفارقة تتصدر الأحداث في تونس.. توترات ومظاهرات

عادت أزمة المهاجرين الأفارقة غير النظاميين وطالبي اللجوء إلى واجهة الأحداث في تونس، خلال الأيام القليلة الماضية، مع إطلاق السلطات التونسية حملات إخلاء عدد من المباني والحدائق العمومية والأرصفة من هؤلاء.وتطرق الرئيس التونسي إلى موضوع الهجرة غير النظامية، في ثلاث مناسبات خلال أقل من أسبوع، مؤكداً أن "تونس التي تعامل المهاجرين معاملة إنسانية، ترفض أن تكون لا معبرا ولا مستقراً"، وأضاف "نعاملهم معاملة إنسانية لأنهم ضحايا، ولكن تونس لن تكون ضحية لمن قرروا أن تكون مقراً لهؤلاء".

وأشار قيس سعيد، إلى أن هذه الظاهرة التي تتفاقم كل يوم لم تكن تونس أبداً سبباً من أسبابها، بل بالعكس، فهي تتحمل تبعات نظام عالمي أدى إلى هذه الأوضاع غير الإنسانية، كما أن المنظمات الدولية المتخصصة التي كان من المفترض أن تقف إلى جانب تونس، تكتفي في أغلب الأحيان بالبيانات أو تحاول فرض أمر واقع لن يقبله التونسيون أبداً.

يُذكر أنه في منتصف سبتمبر/أيلول، أقام آلاف المهاجرين ملاجئ في مخيمات مؤقتة بعد إجلائهم من وسط مدينة صفاقس، وانضم إليهم آخرون في بساتين الزيتون حيث ينتظرون حتى تتسنى لهم فرصة الهجرة خلسة إلى إيطاليا من الشواطئ التي تبعد عن المدينة نحو خمسة عشر كيلومترا.

وتمثّل تونس، إلى جانب ليبيا، إحدى نقاط الانطلاق الرئيسية للمهاجرين غير النظاميين نحو إيطاليا، فيما تشير الأرقام الرسمية إلى وجود 21 ألف مهاجر من دول أفريقيا جنوب الصحراء في تونس، بينما يرجح المنتدى الاقتصادي والاجتماعي أن يكون الرقم الحقيقي أكبر.

والسبت، تظاهر المئات في محافظة صفاقس في وسط تونس للمطالبة بالإبعاد السريع لآلاف المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء الموجودين من المنطقة، وساروا وسط مدينة العامرة على بعد حوالي 40 كلم شمال مركز الولاية، مطالبين السلطات التونسية بالتدخل لإجلاء الأفارقة من كامل المدينة.


واعتبر النائب في البرلمان التونسي طارق مهدي أن "الوضع في العامرة غير مقبول وعلى السلطات إيجاد حل"، مستنكرا وجود عدد كبير من المهاجرين من دول جنوب الصحراء في المدينة الصغيرة.وهذه ليست المرة الأولى التي ينفذ فيها أهالي محافظة (ولاية) صفاقس مظاهرات تطالب بإجلاء الأفارقة من المدينة، مشددين على أن المدينة ليست منطقة عبور، فيما ذهب بعض المحتجين إلى حد المطالبة بفرض التأشيرة على المسافرين القادمين من دول جنوب الصحراء.

وتعددت خلال الآونة الأخيرة التشكيات من تنامي أعداد المهاجرين الأفارقة في مدينة صفاقس وخاصة منطقة العامرة، فيما حمل الأهالي السلطات مسؤولية "التراخي" في التعامل مع الظاهرة.كما شهدت منطقتا العامرة وجبنيانة بصفاقس الشهر الماضي مواجهات بين عدد من السكان وبعض المهاجرين الأفارقة من دول جنوب الصحراء، ما حتّم تدخل السلطات الأمنية التي احتوت الموقف، وفق موقع راديو "ديوان" المحلي.

وقدر وزير الداخلية التونسي كمال الفقي عدد المهاجرين غير النظاميين في صفاقس بنحو 17 ألف أفريقي مهاجر، من إجمالي 80 ألف مهاجر في كامل البلاد.وتم الجمعة إجلاء المئات من المهاجرين قسرا من مخيمات أقيمت أمام مقرات وكالات الأمم المتحدة في العاصمة تونس، ثم "تم ترحيلهم إلى الحدود الجزائرية"، بحسب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

ومن دون تأكيد عمليات الإخلاء، أصدرت وزارة الداخلية بيانا الجمعة تحدثت فيه عن "عمليات أمنية" تهدف إلى "التصدي لمختلف المظاهر المخلة بالأمن العام".ولطالما شدد الرئيس التونسي قيس سعيد على رفضه التام لتحويل تونس إلى مكان لتوطين الأفارقة أو منطقة عبور، قائلا إن "البلاد ليست شقة مفروشة للإيجار أو البيع".

وأكد سعيد في تصريح سابق أن تونس تحمي المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء ولا تقبل بأن يقيم على أرضها إلا وفق قوانينها، متهما الشبكات الإجرامية بتعبيد الطريق أمامهم للاستقرار في تونس. في غضون ذلك، ينتظر المئات من المهاجرين غير النظاميين في غابات الزيتون على تخوم سواحل محافظة صفاقس، فرصة للعبور نحو السواحل الأوروبية في ظروف معيشية قاسية، صادقت دول التكتل الأوروبي، في نيسان/أبريل الماضي على ما سمته "ميثاق الهجرة واللجوء" الذي يمثل جملة اللوائح والسياسات المتعلقة بالتدفقات الهجرية، بعد مناقشات ومحادثات دامت عشر سنوات.

وأمس الاثنين، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد على أن تونس ليست مقرا للمهاجرين غير النظاميين ولا معبرا لهم، مشددا على ضرورة أن تتحمل دول شمال المتوسط مسؤولياتها، في إشارة إلى الدول الأوروبية الواقعة على البحر المتوسط.ونبه إلى أن المهاجرين غير النظاميين يتدفقون بالمئات على تونس في اليوم الواحد، مشيرا إلى أنه – على سبيل المثال – تم ترحيل نحو 400 مهاجر، الاثنين فقط، إلى بلدهم الأصلي.

وأوضح سعيّد أن ظاهرة الهجرة غير النظامية أصبحت متعلقة بالوضع داخل البلاد، مشيرا إلى أنه ما كان لها أن تستفحل لولا الوضع الداخلي غير الطبيعي، وفق قوله.وتحاول أوروبا الضغط على السلطات التونسية للحدّ من عمليات عبور المهاجرين، انطلاقا من سواحلها، حيث اقترحت تقديم دعم مالي لتونس لمساعدتها على وقف قوارب المهاجرين.

لكن هذه الخطّة تواجه رفضا داخليا وتثير مخاوف من وجود مشروع لتوطين المهاجرين في تونس، سواء ممن فشلوا في الوصول إلى أوروبا أو ممن ستقوم دول المنطقة بترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية أو إلى بلد آمن.وفي خطاب ألقاه الرئيس سعيّد في شباط/فبراير 2023، أدان وصول "جحافل من المهاجرين غير الشرعيين" من دول أفريقيا جنوب الصحراء في إطار "مؤامرة لتغيير التركيبة الديموغرافية" للبلاد.

يُذكر أن تونس تفتقر إلى منظومة حماية واستقبال وإغاثة للمهاجرين، لأنها لا تتوفر على الإمكانيات المادية واللوجستية لاستقبال وحماية وعلاج المهاجرين الوافدين على أراضيها بشكل غير قانوني، لتصبح مجبرة على ترحيلهم ومنعهم بمقاربتها الأمنية في التعامل مع أزمة الهجرة، أو أن تتحول إلى منصة دولية للهجرة.

في يوليو 2023، وقعت تونس والاتحاد الأوروبي «مذكرة تفاهم» حول «شراكة استراتيجية وشاملة»، تتعلق في الأساس بملف الهجرة غير النظامية. وقد وقعها الرئيس التونسي قيس سعيّد، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.

وقال الرئيس التونسي، في مكالمة هاتفية جمعته الخميس 25 أبريل 2024 بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن "شبكات إجرامية تتولى إغداق الأموال على هؤلاء المهاجرين غير النظاميين الذين لم تكن تونس سببًا في فقرهم وفي بؤسهم، ولا تقبل تونس بأن يستقروا بها، وهو أمر غير مقبول، فضلًا عن أنه مشبوه"، على حد تعبيره.

يأتي ذلك متزامنا مع نتائج الاجتماع الثلاثي، الذي انعقد بين رؤساء الجزائر وتونس وليبيا في قصر قرطاج، بالاتفاق على مواجهة مشتركة لظاهرة الهجرة غير النظامية التي تجتاح المنطقة من دول الساحل إلى جنوب الصحراء، وذلك بالتنسيق مع الشركاء الأوروبيين، وفي مقدمتهم إيطاليا.

ظهرت الرغبة بالتعاون في هذا الملف خلال أعمال الاجتماع التنسيقي الرفيع المستوى حول قضايا الهجرة غير النظامية، الذي جمع في روما وزراء داخلية الجزائر وإيطاليا وتونس وليبيا.ويشمل قانون الهجرة الجديد إجراءات وصفت "باللا-إنسانية"، حيث تلقى رفضاً واسعاً في أوروبا من المنظمات الحقوقية، بلغت ذروتها مع رفع دعاوى قضائية مستعجلة في باريس لتطعن فيها.


وتنص اللوائح الجديدة على الترحيل القسري للمهاجرين، وسرعة البت في طلبات اللجوء، ولكن يعدّ أخطرها بالنسبة لدول الجوار، إقامة مراكز احتجاز جديدة على حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية، سواء البرية أو البحرية أو الجوية بهدف تبسيط وتسريع عملية البت في طلبات اللجوء.

رفض سياسات الهِجرة في أوروبا، لم يشمل فقط القوانين المصادق عليها حديثاً في بروكسل، بل بلغت في إيطاليا، عبر رفع قضية مستعجلة ضدّ مرسوم التمويل الذي مكن من منح تونس 4.8 مليون يورو لنقل ستة قوارب سريعة، قالت جمعيات إيطالية إنه يفتقد للشرعية، وطالبت بحظره، وطعنت في مشروعيته، وفق وسائل إعلام إيطالية، ينتظر أن تنظر فيها المحكمة يوم 30 أبريل الجاري.

وقد أجرت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني زيارتها الرابعة إلى تونس في الأشهر العشر الأخيرة، ضمن سلسلة من اللقاءات المخصصة لبحث أزمة الهجرة التي أفضت إلى توقيع مذكرة تفاهم مع تونس في يوليو الماضي، ثم إلى قمة إفريقية-إيطالية حول الهجرة في روما كان قد دعا إليها الرئيس التونسي.

وتواجه ميلوني تحديات كبرى لإنجاح اتفاقية الشراكة مع تونس، التي تعرضت لانتقادات واسعة بين الشركاء الأوروبيين في إطار تنافسهم على النفوذ الخارجي، قبل خصومها السياسيين في الداخل الإيطالي.

0 Comments: