الخميس، 30 مايو 2024

الإخوان والانتخابات.. ماذا وراء التعديل الوزاري في تونس؟

 

تونس

الإخوان والانتخابات.. ماذا وراء التعديل الوزاري في تونس؟


فجر التعديل الوزاري المفاجئ، الذي أجراءه الرئيس التونسي قيس سعيد في وقت متأخر من ليل السبت، جدلا واسعا في الأوساط السياسية التونسية، خصوصا أنه شمل وزيرين بارزين هما كمال الفقي وزير الداخلية، ووزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي، وهو ما أثار تساؤلات حول دلالات ذلك؟

وعيّن سعيّد، خالد النوري وزيرًا للداخليّة خلفًا لكمال الفقي، الذي كان يُعتبر قريبًا من الرئيس، وفق ما جاء في بيان للرئاسة التونسيّة لم يوضح أسباب الإعفاء.كما عيّن الرئيس كمال المدوري، وهو من التكنوقراط، وزيرًا للشؤون الاجتماعيّة خلفًا لمالك الزاهي، فيما استُحدث منصب كاتب دولة لدى  وزارة الداخليّة يكلّف بالأمن القومي، وعُهد به إلى سفيان بن الصادق


يأتي ذلك في وقت تجدد فيه الجدل في تونس حول واقع الحقوق والحريات بعد توقيف المحامية البارزة سنية الدهماني والمحامي مهدي زقروبة والإعلاميين برهان بسيس ومراد الزغيدي، رغم أن الرئيس التونسي نفى مرارا وجود تضييق على الحريات في بلاده.



تعليقا على هذا التعديل الوزاري، قال المحلل السياسي نبيل الرابحي إن "التعديل الوزاري تم التداول فيه منذ أشهر وهو ليس مرتبطا بالحريات و النظام الحاكم هو رئاسي والحكومة مسؤولة أمام رئيس الجمهورية ونجاح الحكومة من عدمه سيحسب على الرئيس".

وبين الرابحي في حديث  أن "العقاب يكون بصندوق الاقتراع، لذلك كل ما يقوم به رئيس الحكومة أو الوزير من أنشطة سيعاقب عليها الرئيس، وبالتالي هو الوحيد الذي يقيم عملهم ولا أعتقد أن للتعديل علاقة بإثارة ملف الحريات والحقوق والمرسوم رقم 54.



وأشار إلى أن "رئيس الجمهورية قال في مجلس الأمن القومي إن هناك من خانوا الأمانة أو مسؤولين في مواقع السلطة تجاوزوا حدودهم وكان متوقعا أن يتم اتخاذ قرارات في حقهم".ولفت إلى أن "الرئيس قام بالتغيير المهم والمرتقب ومازالت مسألة سد الشواغر في عدة مناصب مثل وزارة الثقافة ووالي تونس ووالي المنستير ووالي صفاقس، حيث ستكون المرحلة المقبلة مرحلة سد الشواغر سواء في الوزارات أو المستوى الجهوي".


أحمد المازني، الناشط في مسار 25 يوليو/تموز الداعم للرئيس التونسي قيس سعيد، قال إن الوزير الجديد خالد النوري هو رجل من خارج الدوائر السياسية حيث سيكون نقطة ارتكاز في كشف مخططات أحزاب ذات طابع إرهابي للانقلاب على الحكم في تونس.

وأكد في تصريح" أن "شخصية خالد النوري المنتمية للقضاء ستعطيه القدرة على كشف ملفات خاصة بالإخوان وتتبعها، في علاقة بالجمعيات الممولة للوجود الإخواني ولنشاطها والذي بقي إلى حدود اللحظة، وهو ما يثير ارتياب التونسيين ".وأضاف أن شخصيته وقدرته على إدارة محافظة مكثفة ديموغرافيا مثل محافظة أريانة (ضواحي تونس ) تعطيه القدرة على تعقب جيوب المتآمرين على تونس من الفصائل التي تدعو إلى التمرد على الدولة وضرب أسس النظام العام في تونس.



وأوضح أن مسار 25 يوليو/تموز وهو تحرك شعبي تونسي مناصر للرئيس قيس سعيد يساند أي خطوة للقطع مع النظام السابق الذي تميز بالفشل على كل المستويات .من جانبه، قال سالم بن رقية، المختص في الشأن الأمني، إن جيوب حركة النهضة الإخوانية مازالت مفتوحة وتحتاج إلى وقفة حازمة لوقف نزيف الإرهاب في تونس الذي ضرب البلاد طيلة العشرية السابقة.


وأكد، للمصدر ذاته، أن تعيين وزير داخلية من صلب "الولاة " (رؤساء المحافظات ) يعطي نجاعة أكثر لتعقب الخلايا الإرهابية النائمة والتي تنتظر أي إشارة لضرب الدولة التونسية من الداخل.وأشار إلى أن ملف الهجرة غير النظامية لم يستطع كمال الفقي إدارته، متوقعا أن الوزير الجديد سينجح فيه لأنه سيعالج الثغرات التي لم يتمكن منها السابق.



هذا ويرى المحلل السياسي عبد الجليل معالي، في تصريح ، أن "الرئيس سعيد يسعى من خلال الإقالات الأخيرة إلى ضخ دماء جديدة في فريقه الحكومي لتوفير أجواء أفضل تُجرى فيها الانتخابات الرئاسية القادمة خاصة مع تزايد الانتقادات لأداء وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية".

ويفسر معالي رأيه بالقول إن "أداء وزير الداخلية السابق قد واجه انتقادات داخلية وخارجية واسعة في الفترة الأخيرة خاصة في ما يتعلق بالهجرة غير النظامية بعد عدم إجادة الوزارة التعامل مع هذا الملف الحارق".



ويضيف أن "وزير الشؤون الاجتماعية السابق مالك الزاهي قد واجه بدوره انتقادات واسعة من المناصرين للرئيس بسبب عدم إجادته التعامل مع الأطراف النقابية بالوزارة وعدم إحداث اختراق في الملفات الاجتماعية".

ويخلص معالي إلى أن "الرئيس بصدد إبعاد السياسيين من حكومته لصالح الوزراء التكنوقراط وهذا ما تجلّى أيضا في إقالة وزير التربية السابق محمد علي البوغديري".هذا وأعرب بعض المحامين والمعارضين عن تفاؤلهم بـ"انفراج سياسي" بعد هذا التعديل الحكومي الذي أسفر عن تعيين قاضيين وخبير قانوني دولي على رأس وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية.


ومن بين ما يدعم به البعض موقفه "المتفائل" انتماء الوزراء الثلاثة إلى "جيل المسؤولين الشبان" الذين تقل أعمارهم عن الخمسين، فضلاً عن تخرجهم في كليات الحقوق بتونس ومدينة سوسة، (140 كيلومتراً جنوب العاصمة)، وكانوا من بين طلاب الرئيس سعيد وزملائه قبل 30 عاماً ومن بين المقربين إليه ومن مستشاريه الذين تخرجوا في الكليات القانونية نفسها.

كما تكشف ردود الفعل على هذا "التعديل الحكومي السياسي" وعلى تغيير طاقم وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية، عن وجود تيار يقلل من "الرسائل السياسية والحقوقية" وراء التعديل الحكومي، ويعدّ هؤلاء أن هدف الفريق الحاكم الحالي "تعيين مزيد من التكنوقراط" على رأس أبرز مؤسسات الدولة؛ بما فيها الأمنية والاجتماعية والسياسية، استعداداً للانتخابات المقبلة.



شغل خالد النوري قبل تعيينه وزيرا للداخلية واليا على أريانة منذ يونيو 2022 ، وقبل ذلك تولى منصب مدير عام إدارة مركزية بجهاز المكلف بنزاعات الدولة.

وخالد النوري من مواليد 31 مارس 1976 بمحافظة سوسة الساحلية، وشغل خطة مستشار مقرر عام بإدارة نزاعات الدولة بوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية.وهو حاصل على شهادة الأستاذية في الحقوق من كلية العلوم القانونية بسوسة وحاصل على شهادة ختم الدروس بالمعهد الأعلى للقضاء، وأيضا على شهادة الكفاءة لمهنة المحاماة.

وبالنسبة إلى سفيان بن الصادق، الذي تمّ تعيينه كاتب دولة لدى وزير الداخلية مكلفا بالأمن الوطني، فهو في الأصل قاض من الرتبة الثانية وعضو في لجنة المتابعة في الوكالة الفنية للاتّصالات بوزارة تكنولوجيا الاتصال.أما وزير الشؤون الاجتماعية الجديد كمال المدوري، فقد شغل منصب مدير عام للصندوق الوطني للتأمين على المرض.