الأربعاء، 12 يونيو 2024

 أشهر الشخصيات النسائية في تنظيم الإخوان المسلمين

 

الشخصيات النسائية


 أشهر الشخصيات النسائية في تنظيم الإخوان المسلمين

تكتظ جماعة الإخوان المسلمين بشخصيات مشهورة، أغلبها من الرجال، ونادراً ما تخرج الجماعة أيّ عنصر نسائي للعمل العام، إنّ هذا الضمور يعود أساساً إلى نظرة الجماعة إلى المرأة، التي لا تحبّذ ظهورها، كما لا تمكنها من المناصب القيادية بالجماعة، وربما يرجع هذا لرؤية المؤسس حسن البنا للمرأة بصفة عامة؛ إذ تنصّ لائحة الأخوات، الصادرة في 1944، في ( المادة 3 فقرة ز): "يمنع منعاً باتاً تكوين هيئات إدارية مستقلة للسيدات، حتى لا يشغلن أنفسهن بتشكيلات وتسميات لا طائل تحتها، ولا خير فيها؛ بل يتفرغن تفرغاً كاملاً للاستفادة من الدروس وتطبيقها فى منازلهنّ، على أولادهنّ وأخواتهن وإخوانهنّ"، لهذا لم تفلت من هذا السياج إلا القليلات، والمعلومات عنهنّ نادرة، يصعب الوصول إليها.



لعلّه ليس من المبالغة إذا قيل إنّ زينب الغزالي هي أشهر شخصية نسائية على الإطلاق، ليس في تاريخ الإخوان فحسب؛ بل وفي تاريخ الحركة الإسلاموية بأطيافها المتعددة. ولدت زينب محمد الغزالي الجبيلي في 2 كانون الثاني (يناير) 1919، في قرية (ميت يعيش)، مركز ميت غمر، محافظة الدقهلية، مات والدها وهي في العاشرة من عمرها، فانتقلت مع أمها وإخوتها للعيش في القاهرة، وكافحت من أجل إكمال تعليمها رغم اعتراض أخيها الأكبر، ما ولّد لديها حالة من التحدي والعدائية ضدّ الرجال والمجتمع الذكوري.


زينب الغزالي


تعرّفت زينب الغزالي إلى  الاتحاد النسائي، الذي كانت ترأسه هدى شعراوي، وتوثقت العلاقة بينهما، وأصبحت من أعضاء الاتحاد البارزات، وكانت من أشدّ المنادين بتحرير المرأة، لكنّها أنهت علاقتها بهدى شعراوي بشكل غامض، زعمت زينب الغزالي أنّه بسبب تعرضها لحادث (حريق) كادت أن تفقد فيه حياتها، فلما نجاها الله، قررت أن تترك الاتحاد النسائي، وتؤسس جمعية للسيدات المسلمات، وتمّ لها ذلك العام 1937، هذا التحول المفاجئ يلقي بظلال من الريبة حول طبيعة شخصية زينب الغزالي.



بعد تأسيس جمعيتها بأقل من عام؛ اقترح عليها حسن البنا، مؤسس الإخوان المسلمين، ضمّ جمعيتها إلى الإخوان، وأن ترأس قسم الأخوات المسلمات فيها، لكنّها رفضت، وحافظت على التنسيق بينها وبين الإخوان، طيلة عشرة أعوام، تزعم زينب الغزالي أنّها بايعت حسن البنا في نهاية العام 1948، وأصبحت عضوة في الإخوان المسلمين، وكلّفها حسن البنا بدور مهم في الوساطة بين جماعة الإخوان والزعيم الوفدي، مصطفى النحاس، رئيس وزراء مصر حينها، وهو ما تنكره السيدة فاطمة عبد الهادي، إحدى أهمّ الأخوات في الجماعة في ذاك الوقت؛ وهي زوجة محمد هواش، القيادي الإخواني التاريخي الذي أُعدم مع سيد قطب؛ إذ تذكر في كتاب "رحلتي مع الأخوات المسلمات"؛ أنّ زينب الغزالي لم تنضم للإخوان إلا بعد العام 1951؛ عندما تزوجت أحد رجال الأعمال من الإخوان المسلمين، وهو محمد سالم سالم.



قامت زينب الغزالي بدور مهم في تنظيم الإخوان، العام 1965، وألقي القبض عليها، وحكم عليها بالمؤبّد، وبعد وفاة الرئيس عبد الناصر، تمّ تخفيف الحكم، وأفرج عنها العام 1971، يتهمها طلال الأنصاري، قائد مجموعة الفني العسكرية، المتهمة بمحاولة اغتيال الرئيس السادات، بأنّها كانت حلقة الاتصال بين المجموعة والإخوان المسلمين، وأنّها هي التي عرّفته بصالح سرية، مؤسس المجموعة، وأنّ عملية الفنية العسكرية هي عملية تمت بإذن من الإخوان المسلمين، وهو ما نفته الغزالي في التحقيقات.

تزوّجت زينب الغزالي في حياتها مرتين؛ الأولى العام 1942، من الشيخ محمد حافظ التيجاني؛ أحد مشايخ الصوفية، ولم تستمر الزيجة إلا عامين فقط، لاعتراضه على نشاطها بالعمل العام الذي بدأت تخوضه، ثم تزوجت مرة ثانية من رجل أعمال إخواني بارز، هو محمد سالم سالم، الذي توفّي العام 1966، ولم تتزوج بعده، حتى وفاتها العام 2005، في القاهرة، عن عمر يناهز 88 عاماً، وتمّ تشييع جنازتها في 4 آب (أغسطس) 2005، في مسجد رابعة العدوية بحي مدينة نصر (شرق القاهرة).

حميدة قطب

تعدّ حميدة قطب ثاني أشهر شخصية إخوانية؛ فهي الشقيقة الصغرى لسيد قطب، مفكر الإخوان المسلمين، وهي ثاني امرأة في الإخوان يتم الحكم عليها بالسجن، بعد زينب الغزالي.



ولدت حميدة في القاهرة، العام 1937، أي إنّها أصغر من شقيقها سيد قطب بـ31 عاماً، فكان بمثابة الأب لها، لهذا لم ترفض القيام بدور ضابط اتصال بين سيد قطب وأطراف التنظيم المتعددة، في الفترة من 1961 وحتى 1965، وخصوصاً نقل تعليماته لزينب الغزالي، فضلاً عن قيامها بتهريب أوراقه من محبسه، ما جعلها بطلة في نظر الإخوان.



ألقي القبض عليها في آب (أغسطس) 1965، بتهمة الانتماء لتنظيم الإخوان المسلمين، وحُكم عليها بعشرة أعوام، قضت منها في السجن ستة أعوام، ثم عفا عنها الرئيس السادات، وأفرج عنها في تشرين الثاني (نوفمبر) 1972، وبعد شهر من الإفراج، أي في كانون الأول (ديسمبر)؛ تزوجت الدكتور حمدي مسعود، وانتقلت معه للإقامة بفرنسا، وفي فرنسا لم تقم حميدة بأيّ نشاط تنظيمي مع الإخوان المسلمين، واكتفت باستكمال دراستها التي توقفت، ومساندة زوجها في دراساته وأبحاثه الطبية والعملية، لكن لا توجد إشارة على قطع علاقتها بالإخوان، ولم تنجب حميدة قطب، وتوفَّت بتاريخ 17 تموز (يوليو) 2012.

أمينة قطب

أمينة قطب؛ شقيقة سيد قطب، ولدت بمحافظة أسيوط في صعيد مصر، العام 1927، هي أصغر من سيد قطب بأحد عشر عاماً، انتقلت للعيش في القاهرة، بعد وفاة والدها، هي وباقي أفراد الأسرة.


لم يعرف لأمينة أيّ نشاط تنظيمي مع الإخوان، وليس لها مواقف يمكن أن تؤثر في تاريخ الإخوان، لكنّ الإخوان صنعوا شهرتها من ترديد حكاية زواجها من القيادي المشهور، كمال السنانيري، كحكاية أسطورية، فأصبحت اسماً مشهوراً في الإخوان وغيرهم، وتقول أسطورتها: إنّه بعد الحكم على كمال السنانيري، العام 1956، بالسجن لمدة 25 عاماً، وبعد قضائه 5 أعوام في السجن، دخل المستشفى


 فقابل سيد قطب هناك، وتعرّف إلى أمينة، وهي تزور أخاها، فطلب منه الزواج منها، وافقت أمينة، رغم أنّه كان ما يزال أمامه 20 عاماً في السجن؛ بل وأصرت على اصطحاب المأذون إلى داخل السجن، لعقد قرانها، وفي العام 1975؛ خرج كمال وأتمّا الزواج في نفس العام، وبعد 6 أعوام مات السنانيري في السجن، العام 1981، فكتبت ديوان شعر باسم "رسالة إلى شهيد" ترثيه فيه، ولم يكن لها أيّ نشاط مع الإخوان بعدها، توفَّت أمينة قطب في منزلها بالهرم، في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007.

جيهان الحلفاوي

تعدّ جيهان عبد اللطيف الحلفاوي أول شخصية نسائية إخوانية تخوض تجربة العمل العام؛ فهي أول مرشحة لجماعة الإخوان المسلمين في مصر لمجلس الشعب المصري، في انتخابات العام 2000، التي شهدت تأجيلاً حتى العام 2002. 

جيهان الحلفاوي

 ولدت في الإسكندرية، تحديداً في 13 تموز (يوليو) 1952، نشأت في أسرة كريمة متدينة، لهذا كان من السهل أن تؤمن بفكر الإخوان في السبعينيات، تخرّجت في كلية التجارة، جامعة الإسكندرية، العام 1976، وتزوجت أحد أشهر وأهمّ قادة الشباب الإخواني في الإسكندرية وقتها؛ وهو الطبيب إبراهيم الزعفراني، القيادي الإخواني السابق.لم تُعرف الحلفاوي إعلامياً، إلا العام 2000؛ عندما تقدمت بالترشح لمجلس الشعب، وذلك رداً على القبض على زوجها في قضية عرفت بقضية الـ101، التي أُحيل فيها إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ.

أُجريت الانتخابات، ولم تحصل على المقعد، لكنّ شهرتها كأول أخت تخوض الانتخابات، جعلتها رمزاً فريداً.. تابعدت دراستها الإسلامية، فحصلت على ليسانس الشريعة والقانون من جامعة الأزهر، بعدها وجهت طاقتها للعمل العام، فترأست المركز المصري للدراسات الإسلامية، توقفت عن العمل في صفوف الإخوان عقب خروج زوجها من تنظيم جماعة الإخوان المسلمين.

عزة الجرف

عزة محمد إبراهيم الجرف؛ أشهر شخصية نسائية إخوانية بعد ثورة 25 كانون الأول (يناير) 2011، وشهرتها (أم أيمن)، من مواليد حي بين السرايات بعابدين القاهرة، في 1964، حاصلة على بكالوريوس الخدمة الاجتماعية، وهي الأخت الكبرى لثلاث أخوات وأخ غير شقيق، تزوجت العام 1985 من الصحفي الإخواني بدر محمد بدر، السكرتير الشخصي للقيادية الإخوانية زينب الغزالي.


عزة الجرف


ظلت عزة الجرف معروفة فقط في صفوف الإخوان، في حي الطلبية بالجيزة؛ حيث مقرّ سكنها مع زوجها وأولادها، وإن لم تكن كادراً تنظيمياً للأخوات، تأثرت بشخصية زينب الغزالي كثيراً، بسبب ارتباط زوجها بالعمل معها، حتى تشربت طريقتها وروحها في العمل، فأطلق البعض عليها زينب الغزالي الصغرى



ذاع صيت أم أيمن بعد الانتخابات البرلمانية، في 2011، التي حاز الإخوان فيها على الأغلبية، وبفضل العلاقات المتشعبة لزوجها أصبحت ضيفة دائمة على برامج "التوك شو" وقتها، وبدت وكأنها المتحدث الرسمي، والمعبّر عن أفكار الجماعة، تقيم الآن في فيلتها بحي 6 أكتوبر بالجيزة، وفي شبه عزلة عن الناس، خصوصاً بعد ثورة 30 حزيران (يونيو) 2013؛ التي أطاحت بحكم الإخوان.

الثلاثاء، 11 يونيو 2024

الذكاء الاصطناعي... التنظيمات الإرهابية تسعى لإقامة "الخلافة الإلكترونية"

 

الذكاء الاصطناعي


الذكاء الاصطناعي... التنظيمات الإرهابية تسعى لإقامة "الخلافة الإلكترونية"

تمثّل التكنولوجيا أحد أهم الأسلحة المعاصرة في أيدي الجماعات الجهادية والإرهابية، ممّا يشكل تهديداً كبيراً في كافة أنحاء العالم. 

وقد عرض تنظيم (داعش) الإرهابي أحد الفيديوهات له في 18 أيار (مايو) الماضي، وأثبتت صحيفة (واشنطن بوست) ومجموعة (سايت إنتليجنس) أنّ هذا المقطع جاء من خلال برنامج للذكاء الاصطناعي دشّنه تنظيم (داعش) لخدمة أغراضه، ممّا أثار الخوف والتساؤل عن مدى الخطر الذي يمثّله امتلاك (داعش) للذكاء الاصطناعي، وقدرته على تغيير قوانين اللعبة

ووفق تقرير لمنصة (الحل)، فإنّ المعهود عن الجماعات الإرهابية إدراكها لقيمة التكنولوجيا ودورها، وتسعى عادة إلى تطوير نفسها وقدراتها التكنولوجية والإعلامية، وهذا ما أوضحه تقرير أصدره المؤشر العالمي للفتوى عن الذكاء الاصطناعي في خدمة التنظيمات الإرهابية، كما أوضح حضور الذكاء الاصطناعي ضمن الأدوات والآليات المطروحة في خطة عمل تنظيم (القاعدة)  الإرهابي، ممّا يعنيه هذا من خطر محدق يجب الانتباه إليه، لما يملكه الذكاء الاصطناعي من إمكانيات هائلة، وتطوّر سريع غير مضمونة عواقبه.

ويأتي خطاب الجماعات الإرهابية عن الذكاء الاصطناعي في إطار تأسيس قواعد وأنظمة من خلاله، توحي بمساعٍ نحو قيام "خلافة إلكترونية" تكون أكثر قدرة على التواصل والانتشار وعلى تطوير نفسها، خاصة أنّه حسب التقرير المقدّم من (سايت إنتليجنس) أنّ تنظيم (داعش) الإرهابي يستخدم الذكاء الاصطناعي في عمليات التجنيد منذ آذار (مارس) الماضي. وحسب ما يطرحه تنظيم (القاعدة) وتاريخه المعهود، فإنّه يسعى كذلك لاستخدام الذكاء الاصطناعي، ويقدّم فتاوى تحثّ على استخدامه.

ويعرف تنظيم (القاعدة) أهمية التكنولوجيا، وكان لها دور كبير في  مسار التنظيم وشعبيته، فتنظيم (القاعدة) عمل على بناء شعبية له منذ عام 2007 عبر التكنولوجيا، مستخدماً في ذلك شرائط الكاسيت وتسجيلات مصورة، وأنشأ (3) مؤسسات لرسم الملامح الإعلامية للتنظيم وإدارتها، وهي حسب ما جاء في تقرير المؤشر العالمي للفتوى: "مؤسسة الملاحم، والفرقان، والسحاب للإنتاج الإعلامي"، وكانت المواد عبارة عن تسجيلات صوتية وفيديوهات لقيادات التنظيم، وأهمهم أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.

ورغم انهيار الخلافة المكانية وتشتت مقاتليها، وعودة العديد من عوائل المقاتلين والهروب من معاقل (داعش)، إلا أنّها تسعى للتواجد مرة أخرى، وتعمل على ترتيب صفوفها مرة أخرى بكل السبل الممكنة.

وحسب استناد التنظيم إلى هذه الأدوات في هذه المرحلة، فإنّه كان يعرف أفق المرحلة وهو مطّلع على التكنولوجيا المتاحة، لهذا جاء أكثر تطوراً بعد ذلك وخاض مضمار الإنترنت، وأنشأ منتديات تابعة له يعمل من خلالها على تجنيد العديد من الأفراد، وتقديم رؤيته وبناء قاعدة شعبية له. ومن بين هذه المنتديات منتدى "الساحات السياسية"، وشبكة "الحسبة"، وشبكة "الإخلاص"، و"القلعة"، وشبكة "أنا المسلم"، واختصت جميعها بنشر تفاصيل عمليات التنظيم، وعرض آرائه وأحكامه الدينية، ودعواته إلى الجهاد، ومساعيه نحو تكوين وتقديم الذات الإسلامية.

وحسب ما يفيد تقرير الإفتاء الذي نشر عبر موقع مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، فإنّ كل ولاية من ولايات التنظيم لها موقع إلكتروني خاص بها، تنشر من خلاله أخبارها والتعليمات التي تأتيها من قيادة التنظيم، ويبلغ عدد هذه المواقع (12) موقعاً. وأهم هذه المواقع "موقع النداء" الذي أصبح الموقع الرسمي للتنظيم بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) عام 2001.

وبين التقرير أنّ للجماعات الإرهابية باعاً طويلاً في صناعة المواقع الإلكترونية، واختراق الأنظمة الإلكترونية، وتطلق على عمليات هجومها الإلكتروني اسم "الغزوات الإلكترونية"، وهي عبارة عن عمليات اختراق للمؤسسات الأمنية والسياسية والإدارية، وحالات "الجهاد الفيسبوكي" التي تعمل على انتشار أفكارهم بسرعة كبيرة. ورغبتها ومساعيها نحو استخدام الذكاء الاصطناعي يدل على معرفتها بأهميته، واهتمامها بتطوير أدواتها واتساع نطاق سيطرتها.

وقدّم تقرير الإفتاء تحليلاً لخطاب الجماعات الإرهابية حول الذكاء الاصطناعي، وحسب الإحصائيات جاء الخطاب في التّخفي الإلكتروني وحماية البيانات في الصدارة بنسبة 30% ويليه خطاب استخدام الذكاء الاصطناعي في استقطاب الأتباع وتجنيد مجاهدين بنسبة 27%.  

وتأتي بعد ذلك ألعاب الميتافيرس والتدريب على العمليات الإرهابية بنسبة 18%، والغزوات الإلكترونية بنسبة 15%، ثم يأتي في آخر القائمة الذكاء الاصطناعي لتسهيل العمليات الإرهابية بنسبة 10%.    

ووجود الذكاء الاصطناعي في خطاب الجماعات الإرهابية بهذا الترتيب يوحي بمعرفتهم بالذكاء الاصطناعي وإمكانياته، والاهتمام بتنظيم عملية استخدامه، فهذه الجماعات بوصفها جماعات غير مشروعة ومطلوبة على المستوى المحلي والدولي، يصبح أول اهتماماتها "التّخفي"، وتشفير المعلومات والبيانات، وتعرف ثورة الذكاء الاصطناعي وتسعى لاستخدامه في هذه المهام.

وبحسب مركز (الحل)، فإنّ الجماعات لن تتنازل عن دور الذكاء الاصطناعي في تجنيد المجاهدين واستقطاب الأفراد، وهذا ما يجعلها تهتم به ويأتي بعد التأمين والتّخفي.

ومن المخاوف المطروحة أيضاً محاولتها لإقامة "الخلافة الإلكترونية"، التي ستمكّن كافة أفراد العالم من الانضمام إليها وهم في منازلهم، وهي أقلّ تكلفة وأوسع انتشاراً وأكثر أمناً من الخلافة المكانية.

وفي تصريح للكاتب الصحفي المتخصص في شؤون الإرهاب هشام النجار، قال: موضوع الخلافة الإلكترونية قديم، وليس جديداً بالنسبة إلى تنظيم (داعش)، وقد ظهر هذا البديل الافتراضي إثر انتهاء الخلافة المكانية، وتم الترويج له كثيراً سواء عن طريق الترويج من قبل تنظيم (داعش) الإرهابي، أو عن طريق التقارير الأمنية الأوروبية، وهناك محاولة لإقامة خلافة إلكترونية بديلة للخلافة المنهارة على الأرض، وتتواصل من خلالها وتعمل على لمّ بقايا التنظيم.

والواقع أنّ الاستراتيجية الدعائية للجماعات المتطرفة تنبني على الفيديو والصورة في المقام الأول، وفق ما أورد (مركز تريندز للبحوث والاستشارات).

وإذا كانت محاولة تنظيم (داعش) لإقامة "الخلافة الإلكترونية" قديمة حسب ما يذكر النجار، فإنّ طرحها من قِبل تنظيم (القاعدة) وباقي التنظيمات الإرهابية جديد، خاصة أنّه يتم طرحه ضمن خطاب استخدام الذكاء الاصطناعي، الذي يعطيهم بادرة أمل للتواجد بشكل أقوى وأكثر أماناً حسب التحليلات التي قدمت لخطابهم.

وأضاف النجار أنّه إذا تم توفير كوادر قادرة على توظيف الذكاء الاصطناعي باحترافية وتطويره، فهنا تكمن الخطورة، فإذا تم في هذه المرحلة استخدام هذا المجال باحترافية، فهم سيلعبون بشكل كبير؛ من خلال خلق أحداث غير موجودة، وسهولة العمليات الإرهابية من خلال هذه التكنولوجيا، وسهولة التواصل وسرّيته... وغيرها من التطورات المهولة في هذا المجال. ويُعدّ الفضاء الإلكتروني متنفساً للتيارات الإرهابية، ويوفر لهم الإيواء والقدرة، لأنّهم شبه عاجزين على الأرض بسبب المطاردات والملاحقات الأمنية والتضييق الأمني، خاصة في أوروبا في الفترات الأخيرة، فكلما ضاقت بهم الأرض، سعوا إلى الفضاء الإلكتروني. 

ويذكر أنّه بعد (4) أيام من هجوم تنظيم (داعش) على حفل موسيقي في روسيا في آذار (مارس) الماضي، جرى تداول مقطع فيديو مدته (92) ثانية على منصة خاصة تابعة لتنظيم داعش الإرهابي، يظهر مذيع أخبار يرتدي خوذة وزياً عسكرياً، ويقول: إنّ الهجوم كان جزءاً من "السياق الطبيعي للحرب المشتعلة بين التنظيم والدول التي تحارب الإسلام، بحسب ما أورده تقرير نشر في (واشنطن بوست).

ويكشف التقرير أنّ المذيع كان "مزيفاً"، فقد تم إنشاؤه بوساطة الذكاء الاصطناعي، عبر برنامج يُسمّى "نيوز هارفست".قدّم البرنامج رسائل فيديو شبه أسبوعية حول عمليات تنظيم (داعش) في جميع أنحاء العالم. وقالت ريتا كاتز المؤسسة المشاركة: إنّ البرنامج الذي تم تصميمه ليشبه بثاً إخبارياً، وهو برنامج -لم يتم الإبلاغ عنه من قبل- يمثل ظهور الذكاء الاصطناعي كأداة دعاية قوية، وإعادة بناء العمليات الإعلامية للجماعة.

الاثنين، 10 يونيو 2024

الإخوان المسلمون والبرهان يخسرون المعركة... وأوساط الجيش تشهد حالة غليان
البرهان



الإخوان المسلمون والبرهان يخسرون المعركة... وأوساط الجيش تشهد حالة غليان

قال عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، الدكتور إبراهيم مخيّر: إنّ عبد الفتاح البرهان يعاني من فقدان الاتصال مع العديد من قطاعات الجيش السوداني، وإنّ قواته أصبحت معزولة في مناطق متفرقة، وغير قادرة على الحصول على المؤن اللازمة، ممّا دفع جنوده إلى أكل القطط والزواحف ونهب محاصيل وممتلكات المواطنين، مشيراً إلى أنّ العديد منهم يستسلمون.



وأشار مخيّر في تصريح  إلى أنّ البرهان والإخوان المسلمين، بعد خسارتهم المعركة على الأرض، اتجهوا إلى شن معركة إعلامية ضد قوات الدعم السريع، ممّا يُظهر مدى تدهور قيادة الجيش السوداني في محاولاتها لتشويه صورة قوات الدعم السريع.



وقد دعا مخيّر الشعب السوداني إلى عدم التورط مع القوات المسلحة السودانية، مؤكداً أنّ النصر قريب، وأنّ جيش البرهان والحركة الإسلامية يتهاوى، لذا نصحهم بعدم المجازفة بأنفسهم في هذه المعركة.



ووفق مصادر  فإنّ اأوساط الجيش السوداني تشهد حالة غليان، والخلافات تتصاعد بين قادته، من الموالين للحركة الإسلامية والمناهضين لها، خاصة بعد إقصاء عدد منهم، وإبعادهم عن مراكز قيادية في القوات المسلحة.

السبت، 8 يونيو 2024

الجندية عند الإخوان المسلمين: مصائر الطاعة العمياء

 

الإخوان المسلمين


الجندية عند الإخوان المسلمين: مصائر الطاعة العمياء

من يقرأ كتاب "رسالة التعاليم" لحسن البنا، يشعر كأنّ الرجل يخاطب جنوداً، ويؤهلهم لأدوار عسكرية، بشكل يناقض تماماً الصورة التي ترسمها جماعة الإخوان عن نفسها كجماعة دينية دعوية؛ إذ إنّ الدعوة الدينية لا تتطلب الإعداد البدني والتدريب الشبيه بالعسكري.

قبل تتبع فكرة الجندية أو تدريب أعضاء الإخوان كجنود، سواء فيما يتعلق بمبادئ الجندية من السمع والطاعة والولاء والتراتبية الهرمية، أو الإعداد البدني المؤهل لاستخدام السلاح وقت الحاجة، تجدر العودة إلى مرحلة ظهور هذه الفكرة عند حسن البنا.

في مقدمة كتاب رسالة التعاليم كتب البنا "هذه رسالتي إلى الإخوان  المجاهدين من الإخوان المسلمين الذين آمنوا بسمو دعوتهم، وقدسية فكرتهم، وعزموا صادقين على أن يعيشوا بها، أو يموتوا في سبيلها، إلى هؤلاء الإخوان فقط أوجه هذه الكلمات، وهي ليست دروساً تُحفظ، ولكنها تعليمات تُنفذ، فإلى العمل أيها الإخوان الصادقون."

ثم كتب موضحاً "أما غير هؤلاء فلهم دروس ومحاضرات، وكتب ومقالات، ومظاهر وإداريات، ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات، وكلا وعد الله الحسنى".

يقول الباحث في  الفكر الإسلامي، هاني عمارة، إنّ رسالة التعاليم كانت موجهة للنظام الخاص فقط، وهم من قصدهم البنا بقوله "الإخوان المجاهدون من الإخوان المسلمين"، لأنّه قسم الإخوان إلى؛ الخصوص، وهم من وجه لهم رسالة التعاليم وطبق عليهم مفهوم الجندية، والعموم ممن خصص لهم الدروس والمحاضرات والأمور التنظيمية العامة وغير ذلك.


وأضاف بأنّه بعد مقتل البنا حَوّل الإخوان رسالة التعاليم من الخاصة إلى العموم، وأصبح كل منتسب للجماعة يتعامل معها على أنّها الكتاب المقدس للإخوان.

يستشهد عمارة من واقع تجاربه الشخصية مع عدد من قدامي أعضاء جماعة الإخوان بأنّ هؤلاء أُطلق عليهم مسمى "الإخوان الكبار" وهم من عاصروا حسن البنا، والتحقوا بالإخوان لكن لم يُكملوا في التنظيم، ومع ذلك ظل لهم وضعهم بين الجماعة. وتابع بأنّ هؤلاء كانوا يتحدثون عن الإخوان كأنها جماعة خيرية، ويفخرون بدورهم الخيري وقت انتسابهم للجماعة، لكنهم لم يكونوا على علم بكتاب رسالة التعاليم، ولم يقرأوا لسيد قطب أو تنظيرات الإخوان.

حين قُتل البنا عام 1949 كان عمر جماعة الإخوان 21 عاماً، وهو وقت كاف لإعداد كوادر شبابية، تولت لاحقاً قيادة الجماعة، وكان لها دور في تعميم طابع التنظيم الخاص على عموم الجماعة، خصوصاً بعد مقتل البنا وإعدام سيد قطب.

جعل البنا من الجندية إحدى صفات المسلم، كتب "الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعاً، فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة، وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة، وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء، وهو مادة أو كسب وغنى، وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة، كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواء بسواء".

 يعلق الباحث هاني عمارة بأنّ مفهوم الجندية من أخطر الأفكار عند الاخوان؛ لأنّهم يربون الأفراد على الاستعداد للقتال والتضحية والطاعة. ولفت إلى أنّ البنا جعل فكرة الجندية ركناً أساسياً في تكوين المسلم، بالمخالفة للسائد في الفقه الإسلامي، الذي ينظر لمسألة الجيوش كما تفعل الدولة الحديثة اليوم.

كتب البنا موجهاً حديثه للتنظيم الخاص "أركان بيعتنا عشرة فأحفظوها؛ الفهم والإخلاص والعمل والجهاد والتضحية والطاعة والثبات والتجرد والأخوّة والثقة".

ويظهر أنّ البنا كتب "رسالة التعاليم" بعد تلقي البيعة الأولى من المجموعة الخاصة التي وصفها بالمجاهدين، ولهذا كتب "وأنت بانضمامك إلى هذه الكتيبة، وتقبلك لهذه الرسالة، وتعهدك بالبيعة، تكون في الدور الثاني، وبالقرب من الدور الثالث".


في مواطن عدة من "رسالة التعاليم" جاءت لفظة الجندية والكتيبة، وتوجيهات عديدة تتعلق بالطاعة وتنفيذ الأوامر، ومن ذلك "أريد بالثقة اطمئنان الجندي إلى القائد في كفاءته وإخلاصه اطمئناناً عميقاً ينتج الحب والتقدير والاحترام والطاعة". وفي موضع آخر "على قدر الثقة بين القائد والجنود تكون قوة نظام الجماعة، وإحكام خططها ونجاحها في الوصول إلى غايتها، وتغلبها على ما يعترضها من عقبات".

أما تحت عنوان "واجبات الأخ العامل" فذكر البنا "أن تعرف أعضاء كتيبتك فرداً فرداً معرفةً تامة، وتُعرّفهم نفسك معرفة تامة كذلك"، وكتب أيضاً "أنّ تعتبر نفسك دائماً جندياً في الثكنة تنتظر الأوامر".

وبعد تفصيل أركان البيعة، كتب البنا "هذا مجمل لدعوتك، وبيان موجز لفكرتك، وتستطيع أن تجمع هذه المبادئ في خمس كلمات: الله غايتنا، والرسول قدوتنا، والقرآن شرعتنا، والجهاد سبيلنا، والشهادة أمنيتنا." وأن تجمع مظاهرها في خمس كلمات أخرى "البساطة والتلاوة والصلاة والجندية والخلق".

جدير بالذكر أنّ هذا الشعار انتقل من التنظيم الخاص إلى شعار عام لكل فرد من جماعة الإخوان المسلمين، وذلك مع سقوط الحد الفاصل بين التنظيم الخاص والجماعة. ولهذا فكما أثبت الواقع أنّ النزوع نحو العنف بنية أساسية في تكوين جماعة الإخوان المسلمين.

في مذكرات حسن البنا بعنوان "مذكرات الدعوة والداعية"، كتب بعد انضمام عدد من طلاب جامعات للإخوان "نهنئ هيئة الإخوان بانضمام هذه الكوكبة المؤيدة إلى كتيبة رجالها العاملين". وكدلالة على هيمنة فكرة التكوين العسكري على فكر البنا، كان من بين مقررات المؤتمر الثالث للجماعة، تحت عنوان "منهاج الإخوان المسلمين" ما يلي: "كل أخ لا يلتزم بهذه المبادئ لنائب الدائرة أن يتخذ معه العقوبة التي تتناسب مع مخالفته، وتعيده إلى التزام حدود المنهاج، وعلى حضرات النواب أن يهتموا بذلك فإنّ الغاية هي تربية الإخوان قبل كل شيء". أما قبول ذلك التأديب فكتب البنا عنه بأنّ من واجبات الأخ العامل "قبول مناصفات الإخوان التأديبية".

أما في نهاية المؤتمر العام الثالث، فجاء في الكتاب "وكان مسك الختام أن بايع حضرات الإخوان فضيلة المرشد العام على الثقة التامة والسمع والطاعة في المنشط والمكره"، وهي نفس البيعة التي تتبعها الجماعات المصنفة إرهابياً مثل داعش والقاعدة.

وجاء في الكتاب تفاصيل عديدة حول التدريب البدني، منها تحت عنوان "مظاهر النشاط الأسبوعي"، ما يلي؛ ليلة الكتيبة، يوم المعسكر. ويشمل يوم المعسكر التالي: "الجندية، التدريب، الاستعداد للجهاد المقدس، ذلك هو ما يعني به الإخوان المسلمون كل العناية، فيه يتكون الجيش الإسلامي وبه يستطيع أن يحق الأمل ويرفع اللواء عالياً. نرجو أن يكون لهذه الناحية أكبر قسط من اهتمام الإخوان فيعطون لأنفسهم كل أسبوع عرضاً عسكرياً يتدربون فيه".

تُذكر تلك الفقرة بالعرض العسكري لطلاب الإخوان المسلمين في جامعة الأزهر في مصر عام 2006، ما يدل على تطبيق الجماعة لتلك التعاليم بشكل منتظم، حتى تصنيفها جماعة إرهابية في مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013.

أما في قسم الرحلات الصيفية، فجاء "الغرض من هذه الرحلات التدريب العسكري والتعارف ونشر الدعوة في ضواحي القاهرة. ويشترط أن يكون لدى الأخ لباس الجوالة أو التدريب العسكري." تلك المعسكرات أطلق البنا على رئيسها مصطلح "حكمدار" وهو رتبة في إدارة الشرطة في مصر إبان العهد الملكي.


يقول الباحث في الفكر الديني، هاني عمارة، بأنّ فرق الكشافة كانت الستار لتدريبات الإخوان، وكذلك فعلت الجماعة الإسلامية في السبعينيات، حتى تدخلت الحكومة لضبط ذلك. وذكر عمارة بأنّ أهم من نّظر لمفهوم الجندية بعد حسن البنا، هو محمد السيد الوكيل (ت 2002) وله كتاب بعنوان "القيادة والجندية في الإسلام".

لئن كان حسن البنا أسس التنظيم الخاص الذي ارتكب أعمال عنف واغتيالات بحق قيادات في الدولة المصرية في العهد الملكي ودبر محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فإنّ الجماعة من بعده طبقت مبادئ الجندية بشكل عام على جميع المنتسبين للجماعة. لهذا يوجد خيط رفيع بين المنتسب وتحوله إلى العنف حين تصدر له الأوامر، كما حدث في مصر بعد ثورة يونيو 2013.

تلك المفاهيم وغيرها تثبت ادعاءات الإخوان المسلمين بأنّهم جماعة إصلاحية تهدف لخير المجتمع أو تؤمن بقيم الديمقراطية والحرية وتداول السلطة، فمثل تلك الطاعة العمياء لا تحمل أياً من قيم الحرية أو الديمقراطية أو السلم.

الخميس، 6 يونيو 2024

خسائر وانتكاسة.. سهم الهجوم الحوثي «الأعنف» على لحج يرتد لصدره

 

الحوثي


خسائر وانتكاسة.. سهم الهجوم الحوثي «الأعنف» على لحج يرتد لصدره

في واحدة من أعنف الهجمات البرية للحوثيين، تصدت القوات الجنوبية في اليمن، لمحاولة من المليشيات الانقلابية، للسيطرة على جبل الضواري في بلدة كرش الحدودية بمحافظة لحج.

وفي بيان على نسخة منه، قالت القوات الجنوبية إنها تصدت بنجاح لهجوم واسع لمليشيات الحوثي تحت تغطية نارية مكثفة استهدف بلدة كرش الحدودية في لحج، وأدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.

وبحسب البيان، فإن مليشيات الحوثي دفعت بتعزيزات عسكرية، وشنت هجومًا كبيرًا للسيطرة على جبل الضواري في كرش الذي تتمركز فيه القوات الجنوبية قبل تراجعها تحت الضربات الحاسمة.


وأكد البيان أن القوات الجنوبية «أجبرت مليشيات الحوثي على التراجع، وكبدتها خسائر كبيرة في صفوف عناصرها المهاجمة، فيما سقط 5 قتلى من القوات التابعة للمجلس الانتقالي، أحدهم العقيد عبد اللطيف المرهبي واحد من أوائل المحاربين للمليشيات منذ تحرير جنوب اليمن».

وكانت مليشيات الحوثي شنت على مدى مايو/أيار الماضي سلسلة مكثفة من الهجمات على جبهات محافظة لحج من يافع إلى كرش وحتى عيريم وحيفان على حدود طور الباحة، ولم تنجح في تحقيق أي اختراق ميداني.

ووفقا لمراقبين، فإن هذه الهجمات البرية العنيفة للحوثيين تهدد بانفجار الوضع في جبهات الداخل اليمني، وتعيد الأوضاع إلى المربع صفر وتجعل جهود الأمم المتحدة للسلام في مهب الريح.

الثلاثاء، 4 يونيو 2024

للهروب من العقوبات الدولية.. الكشف عن شبكة حوثية سرية لغسيل الأموال

 

اموال

للهروب من العقوبات الدولية.. الكشف عن شبكة حوثية سرية لغسيل الأموال

كان الاشتغال البحثي على واقع المشروع الإخواني متواضعاً في الساحة الفرنسية طيلة العقود الماضية، بل إنّ عدد الإصدارات التي تحيل في عنوانها على الإخوان المسلمين هناك تكاد تُعدّ على رؤوس أصابع اليد الواحدة، مقابل فورة الإصدارات التي كانت مخصّصة بشكل عام للإسلاموية، مع تركيز كمّي ونوعي على الظاهرة الجهادية.


إلّا أنّه جرت تطورات ميدانية، أفضت إلى ارتفاع وتيرة الخوض في الموضوع، ليس من قبل المنابر الإعلامية وحسب، وخاصة المنابر اليمينية، فهذا تحصيل حاصل، وإنما حتى من جهات لم يسبق لها أن تطرّقت للموضوع قطّ من قبل، ونتوقف هنا عند إشارتين على الأقل:

ــ الإشارة الأولى ما قامت به "مجلة العالمان"، التي نشرت ملفاً عن جماعة "الإخوان المسلمين" في فرنسا، وليس الإخوان في مصر أو في المنطقة العربية، وهي مجلة فكرية يمينية، وصدر الملف منذ عامين بالضبط، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 تحت عنوان صريح: "الإخوان المسلمون: استراتيجياتهم في فرنسا" (2019).



ــ أمّا النموذج الثاني، فقد جاء مع التقرير الصادر عن مجلس  الشيوخ الفرنسي، والمؤرخ في 7 تموز (يوليو) 2020، حيث نقرأ لأول مرّة في الساحة الفرنسية تقريراً لمؤسسة تشريعية مخصصاً بالتحديد للمشروع الإخواني في فرنسا، بل تحدث التقرير بشكل مباشر عن "خريطة إسلاموية"، وخصّ بالذكر (5) تيارات؛ وهي: تيار "الدعوة والتبليغ"، والتيار السلفي، والإسلاموية التركية، والحالة الجهادية، وأخيراً المشروع الإخواني، معتبراً أنّ "الخطر الفوري في فرنسا، الذي يمثله أكثر فأكثر أولئك الذين يقبلون على الانخراط بشكل من الأشكال في اللعبة السياسية، وهم الإخوان المسلمون"، متوقف في آنٍ واحد عند "عدد تقريبي لأتباع المشروع يناهز (50000) شخص".


هناك عدة مميزات خاصة بالمشروع الإخواني في فرنسا، مقارنة مع باقي التيارات الإسلامية الحركية، ويمكن التوقف عند اثنتين منها على الأقل:

ــ أوّلها أنه أكثر هوساً بالهاجس السياسي والتنظيمي مقارنة مع باقي التيارات الإسلامية، بل إنّ الهاجس السياسي غائب أساساً عند التيار السلفي أو تيار "الدعوة والتبليغ"، على غرار السائد إجمالاً في المنطقة العربية، والأمر نفسه مع الحالات الجهادية في فرنسا، مع أنها قلة، بينما الأمر مختلف مع المشروع الإخواني، باعتباره الأكثر حضوراً في المحطات الانتخابية، والأكثر هوساً بزعم الحديث باسم المسلمين.


ــ أمّا الميزة الثانية، فإنها تتقاطع مع أهداف الميزة الأولى، وعنوانها الانتشار التنظيمي الأفقي والعمودي، واختراق كلّ ما هو صالح للاختراق، حيث نجد إخوان فرنسا في العمل الطلابي والعمل السياسي والعمل الإعلامي والمجال الرقمي في أداء المنظمات الأهلية، بل حتى في سياق الاشتغال على ظاهرة "التخويف من الإسلام"، أو "رهاب الإسلام"، فقد كانت المؤسسة الوحيدة التي تشتغل على الموضوع خلال العقدين الأخيرين محسوبة على المشروع الإخواني، أي "التجمّع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا"، الذي تمّ حلّه رسمياً في أوّل تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، بقرار صادر عن وزارة الداخلية، في سياق اشتغال صنّاع القرار على فتح ملف الإسلاموية الفرنسية، أي (3) أشهر بعد تقرير مجلس الشيوخ سالف الذكر.



أحصى أحد الباحثين العرب، من المتخصصين في الإسلاموية الفرنسية، (3) تيّارات تميز الأداء الإخواني هناك، والحديث عن الباحث سمير أمغار، الذي صدر له العديد من الكتب والدراسات حول الإخوان والسلفية في فرنسا، وفي أوروبا أيضاً، حيث يُفرّق بين "(3) تيارات في المشروع الإخواني: الأول التيار المستقل، أي التيار الذي لا ينتمي أساساً إلى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ولكنه تأثر بأدبياته وبأفكاره، وبناءً على ذلك، أسّسوا تنظيمات وأطلقوا مبادرات؛ ثم هناك التيار الثاني، ويهمّ المستقلين، أي الأفراد الذين كانوا أعضاءً في التنظيم، ولكنهم قرّروا الابتعاد عن المواقف السياسية للمشروع



 وغالباً ما تصبّ انتقادات هذا الفصيل الثاني في أنّ التنظيم بيروقراطي، وينقسم هذا التيار بدوره إلى اتجاهين: اتجاه ما زال عضواً في المشروع، ولكنه يُعبّر عن نقده، مقابل اتجاه انفصل بشكل نهائي عنه، ولكنه أسَّس تنظيمات موازية، تنهل من التجربة الإخوانية؛ وأخيراً تيار ثالث، والمقصود به النواة الإخوانية المرتبطة بالمشروع الإخواني المصري، أي نواة تدين بالولاء للمرشد عبر البيعة"، وهذا التيار، في نسخته الفرنسية، مُجسّد في "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا" الذي تأسّس من خلال مبادرة كانت نواتها تقودها كتلة طلابية قادمة من تونس وبعض اللاجئين السياسيين المشارقة، ويتقدّم الطلابَ التونسيين الإخواني أحمد جاب الله.


الحديث عن "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا" مناسبة للتذكير بهاجس الحديث باسم المسلمين في العقلية الإخوانية، وهو هاجس يُكرّس عقلية الهيمنة ويُترجم الأفق السياسي للمشروع في آنٍ واحد، وبيان ذلك أنّ هذا الاتحاد سيقوم بتغيير اسمه في نيسان (أبريل) 2017، من "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا" إلى "اتحاد مسلمي فرنسا"، على أساس أنّ مسلمي فرنسا الذين يتراوح عددهم بين (6 و7) ملايين نسمة، لديهم مؤسسة تمثلهم، وهي هذا الاتحاد، والحال أنّ الأمر خلاف ذلك، وهي جزئية دقيقة، تخدم المشروع الإخواني؛ لأنّه بالكاد النخبة البحثية وجزء من النخبة السياسية والإعلامية من تفطنت إلى هذه المعضلة، على اعتبار أنه رسمياً تبقى مؤسسة "المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية" تمثل المسلمين أمام السلطات الإدارية، بصرف النظر عن تواضع أداء هذه المؤسسة، ولكنّ تغيير اسم الاتحاد يصبّ في تكريس عقلية التقية أو الازدواجية في التعامل مع قضايا مسلمي فرنسا عند المشروع الإخواني.



تأسّس هذا الاتحاد عام 1983، ويضمّ حالياً ما يُناهز (250) جمعية ثقافية ودينية وغيرها، وهو حاضر في شتّى ربوع التراب الفرنسي، منها ما يعمل في مجالات تدريب الأئمة، حيث يضمّ تحت رعايته العديد من المراكز المنتشرة بين الثقافة والطب والاقتصاد، إضافة إلى أنه يُدير عشرات المساجد في فرنسا، مستغلاً بذكاء الفراغ في العرض الديني الذي مَيّز أداء المؤسسات الدينية حديثة التأسيس، والتي كانت مقرّبة من الدول العربية، وخاصة الدول المغاربية، من قبيل مسجد باريس المقرّب من الجزائر، و"الفيدرالية الوطنية لمسلمي فرنسا" المقرّبة من المغرب، ومنظمات أخرى، فكانت النتيجة أنّ الشباب شرع في البحث عن بدائل.


وكما لاحظ برنارد غودار، أحد أهم خبراء المسألة الإسلامية في فرنسا، بحكم اشتغاله في منصب حساس بوزارة الداخلية الفرنسية، بين 1997 و2004، لأنّه كان مكلفاً في هذه الحقبة بتدبير المسألة الإسلامية في الوزارة، فإنّ الاتحاد الإخواني قام بدور "الوساطة لدى هؤلاء الشباب، وخاصة عبر بوابة معرض "لوبورجي"، الذي كان يسمح للشباب الزائر أو المشارك بالتعرّف على مراجع دينية كانت شهيرة حينها، وفي مقدمتها يوسف القرضاوي، الذي كان برنامجه "الشريعة والحياة" على فضائية "الجزيرة"، يحظى بمتابعة كبيرة، وهي الخلاصة ذاتها التي توقف عندها الخبير الإعلامي والباحث غزافيي ترنسيان، الذي ألف كتاباً حول المشروع الإخواني، متوقفاً في مضامين كتابه عند مشاركة أسماء إخوانية أخرى في أشغال المعرض نفسه، من قبيل راشد الغنوشي التونسي، ومحفوظ نحناح الجزائري، وأسماء أخرى.


إنّ وعي جزء من النخبة السياسية والحزبية بطبيعة المشروع يقف وراء صدور بعض الإشارات النقدية الصريحة خلال الأعوام الأخيرة، ولن تكون آخرها، ما صدر عن المستشارة البرلمانية جاكلين إيستاشي برينيو، التي اشتغلت على تقرير رسمي صادر عن البرلمان الفرنسي بخصوص الإسلاموية الفرنسية، ومع أنه كان مخصصاً لأداء الحالة الجهادية، إلا أنها تطرّقت إلى دور "اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا"، باعتباره "منظمة تقوم بالدعاية للإخوان المسلمين، وتروم، عبر منظمة اتحاد مسلمي فرنسا (الاسم الجديد للاتحاد) أسلمة مسلمي فرنسا، عبر استهداف العمل الاجتماعي، مجال التربية والحقل السياسي، ويسعى المشروع لكي يُصبح مخاطباً مفضلاً لدى السلطات العمومية".



اشتغل المشروع الإخواني طيلة عقود على اختراق الجالية المسلمة والمجتمع الفرنسي، ومن ذلك اختراق مجال التربية والتعليم، بحكم مساحات الحرّية التي توفرها المدوّنة الدستورية الفرنسية، وليس مصادفة أنه في غضون عام 2003، سوف نعاين تأسيس أول مدرسة إسلامية بمدينة ليل (شمال فرنسا)، وهي مدرسة كانت، وما زالت، تابعة للمشروع الإخواني، واعتبرت المدرسة بمثابة نموذج يمكن تطبيقه في مدن أخرى، وخاصة المدن الكبرى، كباريس وليون ومارسيليا ونيس. ويكمن رهان هذه المبادرة حينها في أنّ الإعدادية كانت الأهم في فرنسا، ومبادرة يقودها اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا.


ساهمت آلية الاختراق هذه، أي اشتغال المشروع الإخواني على اختراق مؤسسات الدولة والمنظمات الأهلية، في تكريس أحد أهداف المشروع، أي تمثيل المسلمين أمام السلطات الفرنسية، وبالتالي يُصبح خادماً للجماعة قبل خدمة قضايا المسلمين، بمقتضى الانتصار للمرجعية الإيديولوجية الإخوانية.


وتيرة اشتغال المشروع الإخواني في فرنسا دفعت بعض المنابر الإعلامية إلى تسليط الضوء على "خريطة مَجَرّة الإخوان المسلمين في فرنسا" بتعبير أحد المنابر الإعلامية، وصدرت الخريطة في 20 شباط (فبراير) 2020، وهذه سابقة إعلامية أن نقرأ لمنبر إعلامي يتحدث في عنوان مادة إعلامية، موثقة بالأسماء والمراجع، عن خريطة ومَجَرّة وإخوان مسلمين في فرنسا، لأنّ الحديث عن إخوان فرنسا كان متداولاً من قبل، ولكن لم نكن نقرأ حديثاً عن خريطة أو مَجَرّة،


وسبب ذلك أنّ إخوان فرنسا اخترقوا كلّ ما هو صالح للاختراق في الساحة الفرنسية، في سياق خدمة أهدافهم، من قبيل الاشتغال على قضايا التخويف من الإسلام، أو استقطاب جزء من النخبة السياسية والفكرية، وخاصة النخبة اليسارية؛ أو العمل الميداني على الأصعدة كافة، أو التغلغل في شتى المؤسسات، سواء تعلق الأمر بمؤسسات الدولة، أو المنظمات الأهلية، أو الحقل الإعلامي مع المواقع الإلكترونية الإسلاموية، أو القطاع الطلابي في الجامعات والقطاع التعليمي في ضواحي المدن الفرنسية، وباقي القطاعات القابلة للتغلغل والانتشار.



للباحث محمد لويزي، وهو عضو سابق في المشروع الإخواني، سواء في المغرب أو في فرنسا، ومؤلف كتاب "لماذا انفصلت عن الإخوان المسلمين"، وكتاب "فصل الإسلاموية عن الإسلام"، إشارة دقيقة تلخص دهاء المشروع الإخواني في الساحة الفرنسية، جاء فيها أنّ هذا المشروع "تفطّن إلى آليات العمل السياسي القائم على التحالفات الانتهازية، ولذلك يوظفها تارة مع أحزاب اليمين، وتارة أخرى مع أحزاب اليسار، وتارة ثالثة مع أحزاب الوسط؛ ففي معرض التعامل مع القضية الفلسطينية


 نجده يتظاهر مع أقصى اليسار، وفي معرض التنديد بالتضييق على ارتداء الحجاب، يتظاهر مع التيار السلفي، وفي نقده لمشروع "الزواج للجميع" الخاص بالمثليين، يتظاهر مع يمين اليمين، وفي الانتخابات المحلية والجماعية لا يوجد أيّ حزب مفضل لديه، بقدر ما يهمّ التحالف مع المرشح الحزبي الذي سيخدم المشروع الإخواني، إنّه يعمل بثلاثية: النفعية، والانتهازية، والواقعية السياسية".